إعادة الأمر بالقول للاهتمام الخاص بهذا الكلام ; لأن ما قبله إبطال لاستحقاق آلهتهم العبادة . وهذا إظهار لمزية المؤمنين بالله على أهل الشرك ، ذلك أن قوله ( قل من رب السماوات والأرض قل الله ) تضمن أن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا إلى إفراد الله بالربوبية وأن المخاطبين أثبتوا الربوبية للأصنام فكان حالهم وحاله كحال الأعمى والبصير وحال الظلمات والنور .
ونفي التسوية بين الحالين يتضمن تشبيها بالحالين وهذا من صيغ التشبيه البليغ .
و ( أم ) للإضراب الانتقالي في التشبيه ، فهي لتشبيه آخر بمنزلة أو في قول لبيد :
أو رجع واشمة أسف نؤورها
وقوله تعالى ( أو كصيب من السماء ) . وأظهر حرف ( هل ) بعد أم ; لأن فيه إفادة تحقيق الاستفهام . وذلك ليس مما تغني فيه دلالة أم على أصل الاستفهام ولذلك لا تظهر الهمزة بعد أم اكتفاء بدلالة أم على تقدير استفهام .وجمع الظلمات وإفراد النور تقدم عند قوله تعالى وجعل الظلمات والنور في أول سورة الأنعام .
واختير التشبيه في المتقابلات العمى والبصر ، والظلمة والنور ، لتمام المناسبة ; لأن حال المشركين أصحاب العمى كحال الظلمة في انعدام إدراك [ ص: 115 ] المبصرات ، وحال المؤمنين كحال البصر في العلم وكحال النور في الإفاضة والإرشاد .
وقرأ الجمهور ( تستوي الظلمات ) بفوقية في أوله مراعاة لتأنيث الظلمات . وقرأ حمزة ، والكسائي ، وأبو بكر عن عاصم ، وخلف بتحتية في أوله وذلك وجه في الجمع غير المذكر السالم .