قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد
فصلت جملة ( قالوا ) عن التي قبلها لوقوعها موقع المحاورة مع لوط - عليه السلام - .
و ( لقد علمت ) تأكيد لكونه يعلم ، فأكد بتنزيله منزلة من ينكر أنه يعلم لأن حاله في عرضه بناته عليهم كحال من لا يعلم خلقهم ، وكذلك التوكيد في وإنك لتعلم ما نريد ، وكلا الخبرين مستعمل في لازم فائدة الخبر ، أي نحن نعلم أنك قد علمت ما لنا رغبة في بناتك وإنك تعلم مرادنا .
[ ص: 130 ] ومثله قوله حكاية عن قوم إبراهيم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون
و ( ما ) الأولى نافية معلقة لفعل العلم عن العمل ، و ( ما ) الثانية موصولة .
والحق : ما يحق ، أي يجب لأحد أو عليه ، فيقال : له حق في كذا ، إذا كان مستحقا له ، ويقال : ما له حق في كذا بمعنى لا يستحقه ، فالظاهر أنه أطلق هنا كناية عن عدم التعلق بالشيء وعن التجافي عنه . وهو إطلاق لم أر مثله ، وقد تحيز المفسرون في تقريره . والمعنى : ما لنا في بناتك رغبة .
وجوابه بـ لو أن لي بكم قوة جواب يائس من ارعوائهم .
و ( لو ) مستعملة في التمني ، وهذا أقصى ما أمكنه في تغيير هذا المنكر .
والباء في بكم للاستعلاء ، أي عليكم . يقال : ما لي به قوة وما لي به طاقة . ومنه قوله - تعالى : قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت
ويقولون : ما لي بهذا الأمر يدان ، أي قدرة أو حيلة عليه .
والمعنى : ليت لي قوة أدفعكم بها ، ويريد بذلك قوة أنصار لأنه كان غريبا بينهم .
أو آوي إلى ركن شديد أو أعتصم بما فيه منعة ، أي بمكان أو ذي سلطان يمنعني منكم . ومعنى
والركن : الشق من الجبل المتصل بالأرض .