[ ص: 76 ] [ ص: 77 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة يونس
سميت في المصاحف وفي كتب التفسير والسنة يونس لأنها انفردت بذكر خصوصية لقوم سورة يونس ، أنهم آمنوا بعد أن توعدهم رسولهم بنزول العذاب فعفا الله عنهم لما آمنوا . وذلك في قوله - تعالى : فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين . وتلك الخصوصية كرامة ليونس - عليه السلام - وليس فيها ذكر ليونس غير ذلك . وقد ذكر يونس في سورة الصافات بأوسع مما في هذه السورة ولكن وجه التسمية لا يوجبها .
والأظهر عندي أنها أضيفت إلى يونس تمييزا لها عن أخواتها الأربع المفتتحة بـ ( الر ) . ولذلك أضيفت كل واحدة منها إلى نبيء أو قوم نبيء عوضا عن أن يقال : ( الر ) الأولى و ( الر ) الثانية . وهكذا فإن اشتهار السور بأسمائها أول ما يشيع بين المسلمين بأولى الكلمات التي تقع فيها وخاصة إذا كانت فواتحها حروفا مقطعة فكانوا يدعون تلك السور بآلـ ( حم ) وآلـ ( الر ) ونحو ذلك .
وهي مكية في قول الجمهور . وهو المروي عن في الأصح عنه . وفي الإتقان عن ابن عباس عطاء عنه أنها مدنية . وفي القرطبي عن أن ثلاث آيات منها مدنية وهي قوله - تعالى : ابن عباس فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك إلى قوله حتى يروا العذاب الأليم وجزم بذلك القمي النيسابوري . وفي ابن عطية عن مقاتل إلا آيتين مدنيتين هما ( فإن كنت في شك ) إلى قوله ( من الخاسرين ) . وفيه عن الكلبي أن آية واحدة نزلت بالمدينة وهي قوله - تعالى : ( ومنهم من يؤمن به ) إلى ( أعلم بالمفسدين ) نزلت في شأن اليهود .
[ ص: 78 ] وقال ابن عطية : قالت فرقة : نزل نحو من أربعين آية من أولها بمكة ونزل باقيها بالمدينة . ولم ينسبه إلى معين . وأحسب أن هذه الأقوال ناشئة عن ظن أن ما في القرآن من مجادلة مع أهل الكتاب لم ينزل إلا بالمدينة ، فإن كان كذلك فظن هؤلاء مخطئ . وسيأتي التنبيه عليه .
وعدد آيها مائة وتسع آيات في عد أكثر الأمصار ، ومائة وعشر في عد أهل الشام .
وهي السورة الحادية والخمسون في ترتيب نزول السور . نزلت بعد سورة بني إسرائيل وقبل سورة هود . وأحسب أنها نزلت سنة إحدى عشرة بعد البعثة لما سيأتي عند قوله - تعالى : وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا .