أويس القرني
هو القدوة الزاهد ، سيد التابعين في زمانه أبو عمرو ، أويس بن عامر بن جزء بن مالك القرني المرادي اليماني .
[ ص: 20 ] وقرن بطن من مراد ، وفد على عمر وروى قليلا عنه ، وعن علي .
روى عنه يسير بن عمرو ، ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى وأبو عبد رب الدمشقي وغيرهم ، حكايات يسيرة ، ما روى شيئا مسندا ولا تهيأ أن يحكم عليه بلين ، وقد كان من أولياء الله المتقين ومن عباده المخلصين .
عفان ( م ) : حدثنا حماد بن سلمة عن الجريري ، عن عن أبي نضرة أسير بن جابر ، قال : لما أقبل أهل اليمن ، جعل عمر -رضي الله عنه- يستقرئ الرفاق فيقول : هل فيكم أحد من قرن ، فوقع زمام عمر أو زمام أويس فناوله -أو ناول أحدهما الآخر- فعرفه ، فقال عمر : ما اسمك؟ قال : أنا أويس . قال : هل لك والدة؟ قال : نعم . قال : فهل كان بك من البياض شيء؟ قال : نعم ، فدعوت الله فأذهبه عني إلا موضع الدرهم من سرتي لأذكر به ربي . قال له عمر : استغفر لي . قال : أنت أحق أن تستغفر لي ، أنت صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- . فقال عمر : إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : أويس ، وله والدة وكان به بياض ، فدعا الله ، فأذهبه عنه إلا موضع الدرهم في سرته ، فاستغفر له ، ثم دخل في غمار الناس فلم ندر أين وقع قال : فقدم إن خير التابعين رجل يقال له الكوفة . قال : فكنا نجتمع في حلقة ، فنذكر الله ، فيجلس معنا . فكان إذا ذكر هو ، وقع في قلوبنا ، لا يقع حديث غيره . فذكر الحديث . هكذا اختصره .
( م ) : حدثنا ابن مثنى ، حدثنا ، حدثنا أبي ، عن معاذ بن هشام قتادة ، عن زرارة بن أوفى عن أسير بن جابر ، قال : كان ، إذا أتى عليه أمداد عمر بن الخطاب أهل اليمن سألهم : أفيكم ؟ حتى أتى على [ ص: 21 ] أويس بن عامر أويس فقال : أنت ؟ قال : نعم . قال : من أويس بن عامر مراد ثم من قرن ؟ قال : نعم . [ قال : فكان بك برص ، فبرأت منه إلا موضع درهم؟ قال : نعم ] قال : ألك والدة؟ قال نعم . قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : " يأتي عليكم مع أمداد أويس بن عامر اليمن من مراد ثم من قرن ، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم ، له والدة ، هو بها بر ، لو أقسم على الله لأبره ، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل " فاستغفر لي . قال : فاستغفر له . فقال له عمر : أين تريد؟ قال : الكوفة . قال : ألا أكتب لك إلى عاملها؟ قال : أكون في غبرات الناس أحب إلي ، قال : فلما كان من العام المقبل ، حج رجل من أشرافهم ، فوافق عمر ، فسأله عن أويس ، فقال : تركته رث الهيئة قليل المتاع . قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : مع أمداد أويس بن عامر أهل اليمن ، من مراد ثم من قرن ، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم ، له والدة هو بها بر ، لو أقسم على الله لأبره ، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل فأتى يأتي عليكم أويسا فقال : استغفر لي ، قال : أنت أحدث عهدا بسفر صالح ، فاستغفر لي . قال : استغفر لي . قال : لقيت عمر ؟ قال : نعم . قال : فاستغفر له ، قال : ففطن له الناس ، فانطلق على وجهه ، قال أسير : وكسوته بردة . وكان كل من رآه قال من أين لأويس هذه البردة؟!
( م ) : حدثنا ، حدثنا محمد بن مثنى عفان ، حدثنا حماد ، عن [ ص: 22 ] الجريري ، عن ، عن أبي نضرة أسير ، عن عمر ، سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : أويس ، وله والدة ، وكان به بياض ، فمروه فليستغفر لكم قال إن خير التابعين رجل يقال له ابن المديني : هذا حديث بصري .
قلت : تفرد به أسير بن جابر . ويقال : يسير بن عمرو أبو الخباز بصري روى عنه ابنه قيس ، ، وأبو إسحاق الشيباني ، وابن سيرين . وأبو عمران الجوني
قال ابن المديني : أسير بن جابر من أصحاب ابن مسعود . سمعت سفيان يقول : قدم أسير البصرة ، فجعل يحدثهم ، فقالوا : هذا هكذا . فكيف النهر الذي شرب منه -يعنون ابن مسعود - قال علي : وأهل البصرة يقولون : أسير بن جابر ، وأهل الكوفة يقولون : ابن عمرو . ويقال : يسير .
وقال العوام بن حوشب : ولد في مهاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- ومات سنة خمس وثمانين .
أبو النضر ( م ) : حدثنا عن سليمان بن المغيرة ، عن أبي نضرة أسير بن جابر ، عن عمر ، سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : أويس ، وكان به بياض ، فدعا الله ، فأذهبه عنه إلا موضع الدرهم في سرته لا يدع باليمن غير أم له ، فمن لقيه منكم فمروه ، فليستغفر لكم . خير التابعين رجل يقال له :
قال عمر : فقدم علينا رجل فقلت له : من أين أنت؟ قال : من اليمن . قلت : ما اسمك؟ قال : أويس ، قلت : فمن تركت باليمن ؟ قال : أما لي . قلت : أكان بك بياض ، فدعوت الله فأذهبه عنك؟ قال : نعم . قلت : فاستغفر لي . قال : أويستغفر مثلي لمثلك يا أمير المؤمنين؟ ! قال :
[ ص: 23 ] فاستغفر لي وقلت له : أنت أخي لا تفارقني . قال : فانملس مني . فأنبئت أنه قدم عليكم الكوفة . قال فجعل رجل كان يسخر بأويس بالكوفة ويحقره ، يقول : ما هذا منا ولا نعرفه . قال عمر : بلى إنه رجل كذا وكذا فقال -كأنه يضع شأنه- : فينا رجل يا أمير المؤمنين يقال له أويس . فقال عمر : أدرك فلا أراك تدركه قال : فأقبل ذلك الرجل حتى دخل على أويس ، قبل أن يأتي أهله ، فقال له أويس : ما هذه عادتك ، فما بدا لك؟ قال : سمعت عمر يقول فيك كذا وكذا ، فاستغفر لي ، قال : لا أفعل حتى تجعل لي عليك أن لا تسخر بي فيما بعد ، وأن لا تذكر ما سمعته من عمر لأحد . قال : نعم ، فاستغفر له . قال أسير : فما لبثنا أن فشا أمره بالكوفة . قال : فدخلت عليه فقلت : يا أخي! ألا أراك العجب ونحن لا نشعر؟ فقال : ما كان في هذا ما أتبلغ به في الناس ، وما يجزى كل عبد بعمله . قال : وانملس مني فذهب .
وبالإسناد إلى أسير بن جابر ، قال : كان بالكوفة رجل يتكلم بكلام لا أسمع أحدا يتكلم به ففقدته ، فسألت عنه ، فقالوا : ذاك أويس . فاستدللت عليه وأتيته فقلت : ما حبسك عنا؟ قال : العري ، قال : وكان أصحابه يسخرون به ويؤذونه ، قلت : هذا برد ، فخذه . قال : لا تفعل ، فإنهم إذا يؤذونني . فلم أزل به حتى لبسه . فخرج عليهم ، فقالوا : من ترون خدع عن هذا البرد؟ قال : فجاء ، فوضعه . فأتيت فقلت : ما تريدون من هذا الرجل ، فقد آذيتموه ، الرجل يعرى مرة ، ويكتسي أخرى ، وآخذتهم بلساني .
[ ص: 24 ] فقضي أن أهل الكوفة وفدوا على عمر ، فوفد رجل ممن كان يسخر به ، فقال عمر : ما هاهنا رجل من القرنيين ؟ فقام ذلك الرجل ، فقال عمر : إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : اليمن ، يقال له أويس ، لا يدع باليمن غير أم له ، قد كان به بياض ، فدعا الله ، فأذهبه عنه إلا موضع الدرهم ، فمن لقيه منكم فمروه فليستغفر لكم . إن رجلا يأتيكم من
قال عمر : فقدم علينا هاهنا . فقلت : ما أنت؟ قال : أنا أويس . قلت : من تركت باليمن ؟ قال : أما لي ، قلت : هل كان بك بياض فدعوت الله فأذهبه عنك؟ قال : نعم . قلت : استغفر لي . قال : يا أمير المؤمنين يستغفر مثلي لمثلك؟ ! قلت : أنت أخي لا تفارقني . فانملس مني ، فأنبئت أنه قدم عليكم الكوفة . قال : وجعل الرجل يحقره عما يقول فيه عمر . فجعل يقول : ماذا فينا ، ولا نعرف هذا . قال عمر : بلى ; إنه رجل كذا ، فجعل يضع من أمره فقال : ذاك رجل عندنا نسخر به ، فقال له : أويس ؟ قال : هو هو ، أدرك ولا أراك تدرك . فأقبل الرجل حتى دخل عليه من قبل أن يأتي أهله ، فقال أويس : ما كانت هذه عادتك ، فما بدا لك؟ أنشدك الله ، قال : لقيت عمر فقال كذا وقال كذا ، فاستغفر لي ، قال : لا أستغفر لك حتى تجعل لي عليك أن لا تسخر بي ، ولا تذكر ما سمعت من عمر إلى أحد ، قال : لك ذاك ، قال : فاستغفر له . قال أسير : فما لبث أن فشا حديثه بالكوفة ، فأتيته فقلت : يا أخي ، ألا أراك ، أنت العجب وكنا لا نشعر ، قال : ما كان في هذا ما أتبلغ به إلى الناس وما يجزى كل عبد إلا بعمله . فلما فشا الحديث هرب فذهب .
[ ص: 25 ] ورواه أبو أسامة عن ، وفي لفظ " أويستغفر لمثلك ؟ " وروى نحوا من ذلك سليمان بن المغيرة عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه ، وزاد فيها : ثم إنه غزا أذربيجان فمات ، فتنافس أصحابه في حفر قبره .
أخبرنا أبو الفضل ، أحمد بن هبة الله ، أنبأنا عبد المعز بن محمد ، أنبأنا تميم بن أبي سعيد ، أنبأنا أبو سعيد الكنجروذي ، أنبأنا أبو عمرو الحيري ، حدثنا أبو يعلى الموصلي ، حدثنا هدبة بن خالد ، حدثنا ، حدثني مبارك بن فضالة أبو الأصفر ، عن صعصعة بن معاوية قال : كان رجلا من أويس بن عامر قرن ، وكان من أهل الكوفة ، وكان من التابعين ، فخرج به وضح ، فدعا الله أن يذهبه عنه ، فأذهبه الله ، قال : دع في جسدي منه ما أذكر به نعمك علي . فترك له ما يذكر به نعمه عليه . وكان رجل يلزم المسجد في ناس من أصحابه ، وكان ابن عم له يلزم السلطان ، يولع به ، فإن رآه مع قوم أغنياء ، قال : ما هو إلا يستأكلهم ، وإن رآه مع قوم فقراء ، قال : ما هو إلا يخدعهم ، وأويس لا يقول في ابن عمه إلا خيرا ، غير أنه إذا مر به ، استتر منه مخافة أن يأثم في سببه ، وكان عمر يسأل الوفود إذا هم قدموا عليه من الكوفة : هل تعرفون أويس بن عامر القرني ؟ فيقولون : لا . فقدم وفد من أهل الكوفة ، فيهم ابن عمه ذاك ، فقال : هل تعرفون أويسا ؟ قال ابن عمه : يا أمير المؤمنين ، هو ابن عمي ، وهو رجل نذل فاسد لم يبلغ ما أن تعرفه أنت . قال : ويلك هلكت ، ويلك هلكت ، إذا قدمت فأقرئه مني السلام ومره فليفد إلي ، فقدم الكوفة ، فلم يضع ثياب سفره عنه حتى أتى المسجد ، فرأى أويسا فلم به فقال : استغفر لي يا ابن عمي . قال : غفر الله لك يا ابن عم . قال : وأنت فغفر الله لك يا أويس ، أمير المؤمنين يقرئك السلام ، قال : [ ص: 26 ] ومن ذكرني لأمير المؤمنين؟ قال : هو ذكرك وأمرني أن أبلغك أن تفد إليه .
قال : سمعا وطاعة لأمير المؤمنين . فوفد عليه ، فقال : أنت ؟ قال : نعم . قال : أنت الذي خرج بك وضح فدعوت الله أن يذهبه عنك فأذهبه ، فقلت : اللهم دع لي في جسدي منه ما أذكر به نعمتك علي ، فترك لك في جسدك ما تذكر به نعمه عليك؟ قال : وما أدراك يا أمير المؤمنين؟ فوالله ما اطلع على هذا بشر . قال : أخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه أويس بن عامر قرن يقال له : ، يخرج به وضح ، فيدعو الله أن يذهبه عنه فيذهبه فيقول : اللهم دع لي في جسدي ما أذكر به نعمتك علي ، فيدع له ما يذكر به نعمه عليه ، فمن أدركه منكم ، فاستطاع أن يستغفر له فليستغفر له أويس بن عامر فاستغفر لي يا سيكون في التابعين رجل من أويس . قال : غفر الله لك يا أمير المؤمنين ، قال : وأنت غفر الله لك يا ، قال : فلما سمعوا أويس بن عامر عمر قال عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال رجل : استغفر لي يا أويس ، وقال آخر : استغفر لي يا أويس ، فلما كثروا عليه ، انساب ، فذهب فما رئي حتى الساعة .
هذا حديث غريب تفرد به ، عن مبارك بن فضالة أبي الأصفر ، وأبو الأصفر ليس بمعروف .
معلل بن نفيل : حدثنا محمد بن محصن ، عن عن إبراهيم بن أبي عبلة سالم ، عن أبيه ، عن جده ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : يا عمر ، إذا رأيت ، فقل له ، فليستغفر لك; فإنه يشفع يوم القيامة في مثل أويسا القرني ربيعة ومضر ، بين كتفيه علامة وضح مثل الدرهم .
[ ص: 27 ] أخرجه في مسند الإسماعيلي عمر . ومحمد بن محصن ، هو العكاشي تالف .
أنبئت عن أبي المكارم التيمي ، أنبأنا أبو علي المقرئ ، أنبأنا قال : فمن الطبقة الأولى من التابعين سيد العباد ، وعلم الأصفياء من الزهاد ، أبو نعيم الحافظ أويس بن عامر القرني ، بشر النبي -صلى الله عليه وسلم- به وأوصى به ، إلى أن قال في الترجمة : ورواه الضحاك بن مزاحم ، عن بزيادة ألفاظ لم يتابع عليها . وما رواه أحد سوى أبي هريرة مخلد بن يزيد ، عن نوفل بن عبد الله عنه . ومن ألفاظه : فقالوا يا رسول الله ، وما أويس ؟ قال : أشهل ، ذو صهوبة ، بعيد ما بين المنكبين ، معتدل القامة ، آدم شديد الأدمة ، ضارب بذقنه على صدره ، رام ببصره إلى موضع سجوده ، واضع يمينه على شماله ، يتلو القرآن ، يبكي على نفسه ، ذو طمرين ، لا يؤبه له ، يتزر بإزار صوف ، ورداء صوف ، مجهول في أهل الأرض ، معروف في السماء ، لو أقسم على الله لأبره ، ألا وإن تحت منكبه الأيسر لمعة بيضاء ، ألا وإنه إذا كان يوم القيامة قيل للعباد : ادخلوا الجنة ، ويقال لأويس : قف فاشفع ، فيشفعه الله في مثل عدد ربيعة ومضر . يا عمر ويا علي إذا رأيتماه ، فاطلبا إليه يستغفر لكما ، يغفر الله لكما .
فمكثا يطلبانه عشر سنين لا يقدران عليه . فلما كان في آخر السنة التي هلك فيها عمر ، قام على أبي قبيس فنادى بأعلى صوته : يا أهل الحجيج من أهل اليمن ، أفيكم أويس من مراد ؟ فقام شيخ كبير فقال : إنا لا ندري من أويس ، ولكن ابن أخ لي يقال له أويس وهو أخمل ذكرا وأقل مالا وأهون أمرا من أن نرفعه إليك ، وإنه ليرعى إبلنا بأراك عرفات [ ص: 28 ] فذكر اجتماع عمر به وهو يرعى فسأله الاستغفار ، وعرض عليه مالا فأبى .
وهذا سياق منكر ، لعله موضوع .
أخبرنا إسحاق بن أبي بكر ، أنبأنا يوسف بن خليل ، أنبأنا أبو المكارم المعدل ، أنبأنا أبو علي الحداد ، أنبأنا ، حدثنا أبو نعيم الحافظ حبيب بن الحسن ، حدثنا أبو شعيب الحراني ، حدثنا خالد بن يزيد العمري ، حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد ، عن علقمة بن مرثد ، قال : انتهى الزهد إلى ثمانية : عامر بن عبد الله بن عبد قيس وأويس القرني ، ، وهرم بن حيان ، والربيع بن خثيم ، ومسروق بن الأجدع ، والأسود بن يزيد ، وأبي مسلم الخولاني . والحسن بن أبي الحسن
وروي عن هرم بن حيان ، قال : قدمت الكوفة ، فلم يكن لي هم إلا أويس أسأل عنه ، فدفع إليه بشاطئ الفرات ، يتوضأ ويغسل ثوبه ، فعرفته بالنعت ، فإذا رجل آدم ، محلوق الرأس ، كث اللحية ، مهيب المنظر ، فسلمت عليه ، ومددت إليه يدي لأصافحه ، فأبى أن يصافحني ، فخنقتني العبرة لما رأيت من حاله ، فقلت : السلام عليك يا أويس ، كيف أنت يا أخي ، قال : وأنت فحياك الله يا هرم ، من دلك علي؟ قلت : الله -عز وجل- قال : سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا قلت : يرحمك الله ، من أين عرفت اسمي ، واسم أبي ; فوالله ما رأيتك قط ، ولا رأيتني؟ قال : عرفت روحي روحك ، حيث كلمت نفسي نفسك; لأن الأرواح لها أنس كأنس الأجساد وإن المؤمنين يتعارفون بروح الله ، وإن نأت [ ص: 29 ] بهم الدار ، وتفرقت بهم المنازل ، قلت : حدثني عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بحديث أحفظه عنك . فبكى ، وصلى على النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم قال : إني لم أدرك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولعله قد رأيت من رآه ، عمر وغيره ، ولست أحب أن أفتح هذا الباب على نفسي ، لا أحب أن أكون قاصا أو مفتيا . ثم سأله هرم أن يتلو عليه شيئا من القرآن . فتلا عليه قوله تعالى : إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم ثم قال : يا هرم بن حيان ، مات أبوك ويوشك أن تموت ، فإما إلى جنة وإما إلى نار . ومات آدم وماتت حواء ، ومات إبراهيم وموسى ومحمد -عليهم السلام- ، ومات أبو بكر خليفة المسلمين ، ومات أخي وصديقي وصفيي عمر ، واعمراه ، واعمراه ، قال : وذلك في آخر خلافة عمر . قلت : يرحمك الله ، إن عمر لم يمت . قال : بلى ، إن ربي قد نعاه لي ، وقد علمت ما قلت ، وأنا وأنت غدا في الموتى ، ثم دعا بدعوات خفية .
وذكر القصة ، أوردها أبو نعيم في " الحلية " ولم تصح ، وفيها ما ينكر .
عن أصبغ بن زيد ، قال : إنما منع أويسا أن يقدم على النبي -صلى الله عليه وسلم- بره بأمه .
عبد الرحمن بن مهدي : حدثنا عبد الله بن الأشعث بن سوار ، عن قال : قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : محارب بن دثار إن من أمتي من لا يستطيع أن يأتي [ ص: 30 ] مسجده أو مصلاه من العري يحجزه إيمانه أن يسأل الناس ، منهم أويس القرني وفرات بن حيان .
عبد الله بن أحمد : حدثني ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة أبو بكر بن عياش ، عن مغيرة ، قال : إن كان ليتصدق بثيابه ، حتى يجلس عريانا لا يجد ما يروح فيه إلى الجمعة . أويس القرني
: حدثنا أبو زرعة الرازي سعيد بن أسد ، حدثنا ضمرة عن أصبغ بن زيد ، قال : كان أويس إذا أمسى يقول : هذه ليلة الركوع ، فيركع حتى يصبح ، وكان إذا أمسى يقول : هذه ليلة السجود ، فيسجد حتى يصبح . وكان إذا أمسى تصدق بما في بيته من الفضل من الطعام والشراب ثم قال : اللهم من مات جوعا فلا تؤاخذني به ، ومن مات عريا فلا تؤاخذني به .
أبو نعيم : حدثنا مخلد بن جعفر ، حدثنا ابن جرير ، حدثنا محمد بن حميد ، حدثنا زافر بن سليمان ، عن شريك عن جابر ، عن الشعبي ، قال : مر رجل من مراد على فقال : كيف أصبحت؟ قال : أصبحت أحمد الله عز وجل . قال : كيف الزمان عليك؟ قال : كيف الزمان على رجل إن أصبح ظن أنه لا يمسي ، وإن أمسى ظن أنه لا يصبح ، فمبشر بالجنة أو مبشر بالنار . يا أخا مراد ، إن الموت وذكره لم يترك لمؤمن فرحا ، وإن علمه بحقوق الله لم يترك له في ماله فضة ولا ذهبا ، وإن قيامه لله بالحق لم يترك له صديقا . أويس القرني
[ ص: 31 ] شريك عن ، عن يزيد بن أبي زياد عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : نادى رجل من أهل الشام يوم صفين : أفيكم ؟ قلنا : نعم ، وما تريد منه؟ قال : إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : أويس القرني وعطف دابته فدخل مع أصحاب أويس القرني خير التابعين بإحسان علي رضي الله عنه .
رواه عبد الله بن أحمد عن علي بن حكيم الأودي ، أنبأنا شريك ، وزاد بعض الثقات فيه عن يزيد ، عن ، قال : فوجد في قتلى ابن أبي ليلى صفين .
أنبأنا وخبرنا عن أبي المكارم التيمي ، أنبأنا أبو علي الحداد ، أنبأنا أبو نعيم ، حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، حدثنا محمد بن يحيى ، حدثني أحمد بن معاوية بن الهذيل حدثنا محمد بن أبان العنبري ، حدثنا عمرو -شيخ كوفي- عن أبي سنان ، سمعت حميد بن صالح ، سمعت يقول : قال النبي : أويسا القرني احفظوني في أصحابي ; فإن من أشراط الساعة ، أن يلعن آخر هذه الأمة أولها ، وعند ذلك يقع المقت على الأرض وأهلها ، فمن أدرك ذلك ، فليضع سيفه على عاتقه ، ثم ليلق ربه تعالى شهيدا ، فمن لم يفعل فلا يلومن إلا نفسه .
هذا حديث منكر جدا ، وإسناده مظلم وأحمد بن معاوية تالف .
ويروى عن علقمة بن مرثد عن عمر ، قال : قال رسول الله : أويس مثل ربيعة ومضر . يدخل الجنة بشفاعة
[ ص: 32 ] : حدثنا فضيل بن عياض أبو قرة السدوسي عن ، قال : نادى سعيد بن المسيب عمر بمنى على المنبر : يا أهل قرن ، فقام مشايخ . فقال : أفيكم من اسمه أويس ؟ فقال شيخ : يا أمير المؤمنين ، ذاك مجنون يسكن القفار ، لا يألف ولا يؤلف . قال : ذاك الذي أعنيه ، فإذا عدتم فاطلبوه وبلغوه سلامي وسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال ، فقال : عرفني أمير المؤمنين وشهر باسمي . اللهم صل على محمد وعلى آله ، السلام على رسول الله . ثم هام على وجهه ، فلم يوقف له بعد ذلك على أثر دهرا ، ثم عاد في أيام علي -رضي الله عنه- ، فاستشهد معه بصفين ، فنظروا ، فإذا عليه نيف وأربعون جراحة .
وروى ، عن هشام بن حسان الحسن ، قال : يخرج من النار بشفاعة أويس أكثر من ربيعة ومضر .
وروى خالد الحذاء ، عن عبد الله بن شقيق عن ابن أبي الجدعاء ، سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : بني تميم . يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من
قال في " الكامل " : أبو أحمد بن عدي أويس ثقة صدوق ، [ ص: 33 ] ينكر ومالك أويسا ، ثم قال : ولا يجوز أن يشك فيه .
أخبار أويس مستوعبة في تاريخ الحافظ . أبي القاسم ابن عساكر
في " مستدركه " من طريق الحاكم ، عن إسماعيل بن عمرو البجلي حبان بن علي ، عن سعد بن طريف عن أصبغ بن نباتة : شهدت عليا يوم صفين يقول : من يبايعني على الموت؟ فبايعه تسعة وتسعون ، فقال : أين التمام؟ جاء رجل على أطمار صوف ، محلوق الرأس ، فبايع ، فقيل : هذا فما زال يحارب بين يديه حتى قتل . سنده ضعيف . أويس القرني
أبو الأحوص سلام بن سليم : حدثني فلان ، قال : جاء رجل من مراد فقال له أويس : يا أخا مراد ، إن الموت لم يبق لمؤمن فرحا ، وإن عرفان المؤمن بحق الله ، لم يبق له فضة ولا ذهبا ، ولم يبق له صديقا .
وعن قال : قيل عطاء الخراساني لأويس : أما حججت؟ فسكت ، فأعطوه نفقة وراحلة ، فحج .
أبو بكر الأعين : حدثنا أبو صالح ، حدثنا الليث ، عن المقبري ، عن مرفوعا : أبي هريرة يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من مضر وتميم . قيل : من هو يا رسول الله؟ قال : أويس القرني .
هذا حديث منكر تفرد به الأعين وهو ثقة .