يحيى بن علي بن حمود المعتلي بالله
أبو زكريا العلوي الحسني الإدريسي ، وأمه علوية أيضا .
غلب على أكثر الأندلس ، وتسمى بالخلافة ، واستناب على قرطبة الأمير عبد الرحمن بن أبي عطاف إلى سنة سبع عشرة ، ثم قطعت دعوته عن قرطبة فتردد عليها بالعساكر إلى أن أطاعته جماعة البربر وسلموا إليه الحصون والقلاع ، وعظم سلطانه ، ثم قصد إشبيلية ، فحاصرها ، فخرج منها فوارس [ ص: 138 ] وهو حينئذ سكران ، فحمل عليهم وكانوا قد أكمنوا له ، فقتلوه في المحرم ، سنة سبع وعشرين وأربعمائة .
ولما انهزم البربر مع القاسم بن حمود من قرطبة ، اتفق رأي أهلها على رد الأمر إلى بني أمية ، فاختاروا عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار بن الناصر لدين الله أخا المهدي فبايعوه في رمضان سنة أربع عشرة ، ولقبوه بالمستظهر بالله ، وله اثنتان وعشرون سنة .
ثم قام عليه نسيبه محمد بن عبد الرحمن في طائفة من سفلة العوام ، فقتلوا المستظهر بعد شهرين ، وكان قد وزر له ، فأثنى على أبو محمد بن حزم الظاهري المستظهر ، وقال : كان في غاية الأدب والبلاغة والذكاء رحمه الله .
وقوي أمر محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن الناصر الأموي ، ولقبوه بالمستكفي بالله فبويع وله ثمان وأربعون سنة ، فتملك ستة أشهر ، وكان أحمق ، قليل العقل ، وزر له أحمد بن خالد الحائك ، ثم قتل وزيره ، وخلع هو ، وسجنوه ثلاثا لم يطعموه فيها شيئا ، ثم نفوه المعثر ، فلحق بالثغور ، وأضمرته البلاد ، وقيل : بل سم في دجاجة ، فهلك ، وعاد أمر الناس إلى المعتلي .
فلما غاب المعتلي ، أجمع أهل قرطبة على رد الأمر إلى بني أمية ، ونهض [ ص: 139 ] بذلك الوزير أبو الحزم جهور بن محمد بن جهور ، وبايعوا أبا بكر هشام بن محمد بن عبد الملك بن الناصر لدين الله ، ولقب بالمعتد بالله في ربيع الأول سنة ثماني عشرة ، وله أربع وخمسون سنة ، فبقي ينتقل في الثغور ، ودخل قرطبة في آخر سنة عشرين ، فلم يلبث إلا يسيرا حتى قامت عليه طائفة من الجند ، وجرت أمور يطول شرحها ، ثم خلعوه ، وأخرج من قصره والنساء مهتكات حافيات ، إلى أن دخلوا الجامع في هيئة السبايا ، فبقوا هنالك أياما يتعطف عليهم الناس بالطعام إلى أن خرجوا من قرطبة ، فلحق هشام هذا بابن هود المتغلب على سرقسطة ولاردة وطرطوشة ، فأقام عنده إلى أن مات سنة سبع وعشرين في العام الذي قتل فيه المعتلي .
فهذا آخر ملوك بني أمية مطلقا ، وتفرقت الكلمة ، وصار في الأندلس عدة ملوك .