الظافر بالله
صاحب مصر ، الظافر بالله أبو منصور إسماعيل بن الحافظ لدين الله عبد المجيد بن محمد بن المستنصر معد بن الظاهر علي بن الحاكم ، العبيدي المصري الإسماعيلي ، من العبيدية الخارجين على بني العباس .
ولي الأمر بعد أبيه خمسة أعوام ، وكان شابا جميلا وسيما لعابا عاكفا على الأغاني والسراري .
[ ص: 203 ] استوزر الأفضل سليم بن مصال فساس الإقليم .
وانقطعت دعوته ودعوة أبيه من سائر الشام والمغرب والحرمين ، وبقي لهم إقليم مصر .
ثم خرج على ابن مصال العادل ابن السلار وحاربه وظفر به ، واستأصله واستبد بالأمر ، وكان ابن مصال من أجل الأمراء ، هزمه عسكر ابن السلار بدلاص وأتوا برأسه على قناة وكان علي بن السلار من أمراء الأكراد ومن الأبطال المشهورين ، سنيا مسلما حسن المعتقد شافعيا ، خمد بولايته نائرة الرفض .
وقد ولي -أولا- الثغر مدة ، واحترم السلفي وأنشأ له المدرسة العادلية ; إلا أنه كان ذا سطوة وعسف ، وأخذ على التهمة ، ضرب مرة دفا ومسمارا على دماغ الموفق متولي الديوان لكونه في أوائل أمره شكا إليه غرامة لزمته في ولايته ، فقال : كلامك ما يدخل في أذني . فبقي كلما دخل المسمار في أذنه يستغيث ، فيقول : أدخل كلامي بعد في أذنك ؟ .
وقدم من إفريقية عباس بن أبي الفتوح بن الملك يحيى بن تميم بن [ ص: 204 ] المعز بن باديس مع أمه صبيا ، فتزوج العادل بها قبل الوزارة ، فتزوج عباس ، وولد له نصر ، فأحبه العادل ، ثم جهز أباه للغزو ، فلما نزل ببلبيس ذاكره ابن منقذ وكرها البيكار فاتفقا على قتل العادل ، وأن يأخذ عباس منصبه ، فذبح نصر العادل على فراشه في المحرم سنة 548 ، وتملك عباس وتمكن .
وكان ابنه نصر من الملاح ، فمال إليه الظافر وأحبه ، فاتفق هو وأبوه عباس على الفتك بالظافر فدعاه نصر إلى دارهم ليأتي متخفيا ، فجاء إلى الدار التي هي اليوم المدرسة السيوفية ، فشد نصر عليه فقتله وطمره في الدار ، وذلك في المحرم سنة تسع وأربعين وخمسمائة فقيل كان في نصفه وعاش الظافر اثنتين وعشرين سنة .
ثم ركب عباس من الغد وأتى القصر ، وقال : أين مولانا ؟ فطلبوه ففقدوه ، وخرج جبريل ويوسف أخوا الظافر ، فقال : أين مولانا ؟ قالا : سل ابنك . فغضب ، وقال : أنتما قتلتماه . وضرب رقابهما في الحال .