يقول تعالى ذكره : وجمع لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير في مسير لهم ، فهم يوزعون .
واختلف أهل التأويل في معنى قوله ( فهم يوزعون ) فقال بعضهم : معنى ذلك : فهم يحبس أولهم على آخرهم حتى يجتمعوا .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ، عن ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ابن عباس ، قال : جعل على كل صنف من يرد أولاها على أخراها لئلا يتقدموا في المسير ، كما تصنع الملوك .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا أبو سفيان عن معمر ، عن قتادة في قوله : ( وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون ) قال : يرد أولهم على آخرهم .
وقال آخرون : معنى ذلك فهم يساقون .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : ( وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون ) قال : يوزعون : يساقون .
وقال آخرون : بل معناه : فهم يتقدمون .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا الحسين ، قال : ثنا أبو سفيان عن معمر ، قال : قال الحسن : ( يوزعون ) يتقدمون . [ ص: 439 ]
قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من قال : معناه : يرد أولهم على آخرهم ; وذلك أن الوازع في كلام العرب هو الكاف ، يقال منه : وزع فلان فلانا عن الظلم : إذا كفه عنه ، كما قال الشاعر :
ألم يزع الهوى إذ لم يؤات بلى وسلوت عن ضلب الفتاة
وقال آخر :
على حين عاتبت المشيب على الصبا وقلت ألما أصح والشيب وازع
وإنما قيل للذين يدفعون الناس عن الولاة والأمراء : وزعة : لكفهم إياهم عنه .