القول في تأويل قوله تعالى : ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( 62 ) )
قال أبو جعفر : يقول ، تعالى ذكره : ألا إن أنصار الله لا خوف عليهم في الآخرة من عقاب الله ، لأن الله رضي عنهم فآمنهم من عقابه ولا هم يحزنون على ما فاتهم من الدنيا .
و " الأولياء " جمع " ولي " وهو النصير ، وقد بينا ذلك بشواهده . [ ص: 119 ]
واختلف أهل التأويل فيمن يستحق هذا الاسم .
فقال بعضهم : هم قوم يذكر الله لرؤيتهم ، لما عليهم من سيما الخير والإخبات .
ذكر من قال ذلك :
17703 - حدثنا أبو كريب قالا : حدثنا وابن وكيع ابن يمان ، قال : حدثنا ، عن ابن أبي ليلى الحكم ، عن مقسم عن وسعيد بن جبير ابن عباس : ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) قال : الذين يذكر الله لرؤيتهم .
17704 - حدثنا أبو كريب وأبو هشام قالا حدثنا ابن يمان ، عن أشعث بن إسحاق ، عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله .
17705 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن يمان عن سفيان عن العلاء بن المسيب عن أبي الضحى مثله .
17706 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا جرير عن العلاء بن المسيب ، عن أبيه : ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) قال : الذي يذكر الله لرؤيتهم .
17707 - . . . . قال : حدثنا ابن مهدي وعبيد الله عن سفيان عن العلاء بن المسيب عن أبي الضحى قال : سمعته يقول في هذه الآية : ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) ، قال : من الناس مفاتيح ، إذا رءوا ذكر الله لرؤيتهم . [ ص: 120 ]
17708 - . . . . قال : حدثنا أبي ، عن مسعر عن سهل أبي الأسد عن سعيد بن جبير قال : . سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن " أولياء الله " فقال : الذين إذا رءوا ذكر الله
17709 - . . . . قال : حدثنا عن زيد بن حباب سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل عن عبد الله : ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) قال : الذين إذا رءوا ذكر الله لرؤيتهم
17710 - . . . . قال : حدثنا أبو يزيد الرازي عن يعقوب عن جعفر عن سعيد بن جبير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : هم الذين إذا رءوا ذكر الله .
17711 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا فرات عن أبي سعد عن سعيد بن جبير قال : . سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن " أولياء الله " قال : هم الذين إذا رءوا ذكر الله
17712 - . . . . قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا العوام عن عبد الله بن أبي الهذيل في قوله : ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) ، الآية ، قال : إن ولي الله إذا رئي ذكر الله .
وقال آخرون في ذلك بما :
17713 - حدثنا أبو هاشم الرفاعي قال : حدثنا ابن فضيل قال : حدثنا [ ص: 121 ] أبي عن عمارة بن القعقاع الضبي عن عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير البجلي قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) . إن من عباد الله عبادا يغبطهم الأنبياء والشهداء . قيل : من هم يا رسول الله ، فلعلنا نحبهم؟ قال : هم قوم تحابوا في الله من غير أموال ولا أنساب ، وجوههم من نور ، على منابر من نور ، لا يخافون إذا خاف الناس ، ولا يحزنون إذا حزن الناس . وقرأ : (
17714 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير عن عمارة عن أبي زرعة عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عمر بن الخطاب ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) . [ ص: 122 ] إن من عباد الله لأناسا ما هم بأنبياء ولا شهداء ، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله . قالوا : يا رسول الله ، أخبرنا من هم وما أعمالهم ؟ فإنا نحبهم لذلك . قال : هم قوم تحابوا في الله بروح الله ، على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها ، فوالله إن وجوههم لنور ، وإنهم لعلى نور ، لا يخافون إذا خاف الناس ، ولا يحزنون إذا حزن الناس . وقرأ هذه الآية : (
17715 - حدثنا بحر بن نصر الخولاني قال : حدثنا قال : حدثنا يحيى بن حسان عبد الحميد بن بهرام قال : حدثنا عن شهر بن حوشب عبد الرحمن بن غنم عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يأتي من أفناء الناس ونوازع القبائل ، قوم لم تصل بينهم أرحام متقاربة ، تحابوا في الله ، وتصافوا في الله ، يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور ، فيجلسهم عليها ، يفزع الناس فلا يفزعون ، وهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .
قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك أن يقال : " الولي " أعني [ ص: 123 ] " ولي الله " هو من كان بالصفة التي وصفه الله بها ، وهو الذي آمن واتقى ، كما قال الله ( الذين آمنوا وكانوا يتقون ) .
وبنحو الذي قلنا في ذلك كان ابن زيد يقول :
17716 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) ، من هم يا رب ؟ قال : ( الذين آمنوا وكانوا يتقون ) ، قال : أبى أن يتقبل الإيمان إلا بالتقوى .