وزواجها معاوية بأبي سفيان رضي الله عنهم] [قصة أم
وأخرج الخرائطي في «الهواتف» عن حميد بن وهب قال: (كانت هند بنت عتبة بن ربيعة عند الفاكه بن المغيرة، وكان من فتيان قريش، وكان له بيت للضيافة يغشاه الناس من غير إذن، فخلا البيت ذات يوم، فقام الفاكه وهند فيه، ثم خرج الفاكه لبعض حاجاته، وأقبل رجل ممن كان يغشى البيت؛ فولجه، فلما رأى المرأة... ولى هاربا، فأبصره الفاكه، فانتهى إليها فضربها برجله، وقال: من هذا الذي كان عندك؟!
قالت: ما رأيت أحدا ولا انتبهت حتى أنبهتني، فقال لها: الحقي بأهلك! وتكلم فيها الناس.
فخلا بها أبوها فقال لها: يا بنية؛ إن الناس قد أكثروا فيك فأنبئيني بذاك، فإن يكن الرجل صادقا... دسيت إليه من يقتله فتنقطع عنا القالة، وإن يكن كاذبا... حاكمته إلى بعض كهان اليمن.
قال: فحلفت له بما كانوا يحلفون به في الجاهلية أنه كاذب عليها.
فقال عتبة للفاكه: إنك قد رميت ابنتي بأمر عظيم، فحاكمني إلى بعض كهان اليمن، فخرج الفاكه في جماعة من بني مخزوم، وخرج عتبة في جماعة من بني عبد مناف، ومعهم هند ونسوة معها تأنس بهن، فلما شارفوا البلاد... تنكرت حال هند وتغير وجهها.
فقال لها أبوها: يا بنية؛ إني قد أرى ما بك من تغير الحال، وما ذاك إلا لمكروه عندك؟! قالت: لا والله يا أبتاه، وما ذاك لمكروه، ولكني أعرف أنكم تأتون بشرا يخطئ ويصيب، فلا آمنه أن يسمني بسيما تكون علي سبة في العرب.
فقال لها: إني سوف أختبره لك قبل أن ينظر في أمرك، فصفر لفرسه حتى أدلى، ثم أدخل في إحليله حبة من الحنطة، وأوكأ عليها بسير، وصبحوا الكاهن، فنحر لهم وأكرمهم.
فلما تغدوا... قال له عتبة: إنا قد جئناك في أمر، وقد خبأت لك خبئا أختبرك [ ص: 329 ] به، فانظر ما هو؟ قال: برة في كمرة، قال: أريد أبين من هذا، قال: حبة من بر في إحليل مهر.
فقال عتبة: صدقت، انظر في أمر هؤلاء النسوة، فجعل يدنو من إحداهن ويضرب كتفها ويقول: انهضي حتى دنا من هند، فضرب كتفها وقال: انهضي غير وسخاء ولا زانية، ولتلدن ملكا يقال له: معاوية.
فنظر إليها الفاكه فأخذ بيدها، فنثرت يدها من يده، وقالت: إليك، فالله لأحرصن أن يكون ذلك من غيرك، فتزوجها أبو سفيان، فجاءت بمعاوية).