[نزوله عن الخلافة رضي الله عنه وتحقيق المعجزة
ولي - رضي الله عنه - الخلافة بعد قتل أبيه بمبايعة أهل الحسن الكوفة، فأقام فيها ستة أشهر وأياما، ثم سار إليه والأمر إلى الله، فأرسل إليه معاوية، يبذل له تسليم الأمر إليه على أن تكون له الخلافة من بعده، وعلى ألا يطلب أحدا من أهل الحسن المدينة والحجاز والعراق بشيء مما كان أيام أبيه، وعلى أن يقضي عنه ديونه.
فأجابه إلى ما طلب، فاصطلحا على ذلك فظهرت المعجزة النبوية في قوله صلى الله عليه وسلم: معاوية ونزل له عن الخلافة. «يصلح الله به بين فئتين من المسلمين»
وقد استدل البلقيني بنزوله عن الخلافة، التي هي أعظم المناصب: على جواز النزول عن الوظائف.
[ ص: 318 ] وكان نزوله عنها في سنة إحدى وأربعين، في شهر ربيع الأول، وقيل: الآخر، وقيل: في جمادى الأولى، فكان أصحابه يقولون له: يا عار المؤمنين، فيقول: (العار خير من النار).
وقال له رجل: (السلام عليك يا مذل المؤمنين، فقال: لست بمذل المؤمنين؛ ولكني كرهت أن أقتلكم على الملك).
ثم ارتحل عن الحسن الكوفة إلى المدينة فأقام بها.
وأخرج عن الحاكم جبير بن نفير قال: (قلت إن الناس يقولون: إنك تريد الخلافة؟ فقال: قد كان جماجم العرب في يدي يحاربون من حاربت، ويسالمون من سالمت، تركتها ابتغاء وجه الله، وحقن دماء أمة للحسن: محمد صلى الله عليه وسلم، ثم أبتزها بأتياس أهل الحجاز).