تنبيه
ما جزم به من أن هذه الآيات أنزلت في حق الأخنس رواه ابن إسحاق عن ابن أبي حاتم السدي وابن سعد عن وعبد بن حميد الشعبي وعبد الرازق عن وابن المنذر وقيل [ ص: 468 ] أنزلت في حق الكلبي الأسود بن عبد يغوث . رواه عن ابن مردويه ابن عباس عن وابن أبي حاتم وقيل أنزلت في مجاهد الوليد بن المغيرة . ذكره يحيى بن سلام في تفسيره وجزم به غير واحد .
ومنهم أبي بن خلف وعقبة بن أبي معيط .
قال : وكانا متصافيين حسنا ما بينهما . ابن إسحاق
روى ابن مردويه في الدلائل بسند صحيح من طريق وأبو نعيم سعيد بن جبير في المصنف وعبد الرزاق وابن جرير عن وابن المنذر مقسم مولى ابن عباس كلاهما عنه ، أن أبا معيط وفي رواية عقبة بن أبي معيط كان يجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ولا يؤذيه وكان رجلا حليما ، وكان بقية قريش إذا جلسوا معه آذوه وكان لأبي معيط خليل غائب عنه بالشام .
وفي رواية أنه أمية بن خلف فقالت قريش : صبأ أبو معيط .
وفي رواية : وكان لا يقدم من سفر إلا صنع طعاما فدعا أهل مكة كلهم فصنع طعاما ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعامه فقال : ما أنا بالذي آكل من طعامك حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله . فقال : اطعم يا ابن أخي .
فقال : ما أنا بالذي أفعل حتى تقول ، فشهد بذلك وطعم من طعامه . وقدم خليله من الشام ليلا فقال لامرأته ما فعل محمد مما كان عليه؟ فقالت : أشد ما كان أمرا . فقال : ما فعل خليلي أبو معيط ؟ فقالت : صبأ . فبات بليلة سوء فلما أصبح أتاه أبو معيط فحياه فلم يرد عليه التحية فقال : ما لك لا ترد علي تحيتي . فقال : كيف أرد عليك تحيتك وقد صبأت . قال : أوقد فعلتها قريش ؟ لا والله ما صبأت ولكن دخل علي رجل فأبى أن يأكل من طعامي إلا أن أشهد له . فاستحييت أن يخرج من بيتي قبل أن يطعم ، فشهدت له قال : ما أنا بالذي أرضى عنك حتى تأتيه فتبزق في وجهه .
وفي رواية : فقال : ما يبرئ صدورهم إن أنا فعلت؟ قال : تأتيه في مجلسه فتبزق في وجهه وتشتمه بأخبث ما تعلم من الشتم . ففعل فلم يزد النبي صلى الله عليه وسلم أن مسح وجهه من البزاق .
ونقل جماعة منهم أبو ذر الخشني عن أبي بكر النقاش أن عقبة لما تفل في وجه النبي صلى الله عليه وسلم رجع ما خرج منه إلى وجهه فصار برصا . انتهى .
ثم التفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن وجدتك خارجا من جبال مكة ضربت عنقك صبرا .
وقال أبي بن خلف : والله لأقتلن محمدا . فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : بل أنا أقتله إن شاء الله . فلما بلغ أبيا ذلك أفزعه لأنهم لم يسمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم قولا إلا كان حقا .
فلما كان يوم بدر ، وخرج أصحاب عقبة ، أبى أن يخرج فقال له أصحابه : اخرج معنا .
فقال : قد وعدني هذا الرجل إن وجدني خارجا من جبال مكة أن يضرب عنقي صبرا . فقالوا : لك جمل أحمر لا يدرك فلو كانت الهزيمة طرت عليه . فخرج معهم ، فلما هزم الله المشركين [ ص: 469 ] وحل به جمله في أخدود من الأرض فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم أسيرا في سبعين من قريش وقدم إليه أبو معيط فقال : أتقتلني بين هؤلاء؟ قال : نعم . فقام إليه فضرب عنقه علي بن أبي طالب .
ولم يقتل من الأسارى يومئذ غيره .
فلما كان يوم أحد خرج أبي مع المشركين فجعل يلتمس غفلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحمل عليه فيحول رجل بين النبي صلى الله عليه وسلم وبينه ، فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : خلوا عنه . فأخذ الحربة ورماه بها فوقعت في ترقوته فلم يخرج منه دم كثير واحتقن الدم في جوفه ، فجعل يخور كما يخور الثور فاحتمله أصحابه وهو يخور فقالوا : ما هذا الذي بك! فوالله ما بك إلا خدش . فقال : والله لو لم يصبني إلا بريقه لقتلني! أليس قد قال : أنا أقتله . والله لو كان الذي بي بأهل ذي المجاز لقتلهم . فما لبث إلا يوما حتى مات .
أبي معيط : ويوم يعض الظالم على يديه ندما وتحسرا في القيامة قال وأنزل الله تعالى في : يأكل يديه ثم تنبت . رواه سفيان الثوري . وقال ابن أبي حاتم أبو عمران الجوني : بلغني أنه يعضهما حتى ينكسر العظم ثم يعود .
يقول : يا للتنبيه ليتني اتخذت مع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم سبيلا طريقا إلى الهدى يا ويلتى الألف عوض عن ياء الإضافة أي ويلتي ومعناه هلكتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر القرآن بعد إذ جاءني بأن ردني عن الإيمان به . قال تعالى : وكان الشيطان للإنسان الكافر خذولا [الفرقان : 27- 29] بأن يتركه ويتبرأ منه عند البلاء .