روى ابن سعد والبلاذري وابن أبي الدنيا والطبراني عن والبيهقي رقيقة بنت أبي صيفي بن هاشم وكانت لدة عبد المطلب قالت : تتابعت على قريش سنون جدبة أقحلت الجلد وأدقت العظم ، فبينا أنا نائمة أو مهومة إذا هاتف يصرخ بصوت صحل يقول : يا معشر قريش إن هذا النبي المبعوث منكم قد أظلتكم أيامه وهذا إبان مخرجه فحي هلا بالحيا والخصب ، ألا فانظروا رجلا منكم وسيطا عظاما جساما أبيض بضا أوطف الأهداب سهل الخدين أشم العرنين له فخر يكظم عليه وسنة يهتدى إليها ، فليخلص هو وولده وولد ولده ، وليدلف إليه من كل بطن رجل ، فليشنوا من الماء وليمسوا من الطيب ثم يستلم الركن ، وليطوفوا بالبيت سبعا ثم ليرتقوا أبا قبيس فليستق الرجل وليؤمن القوم ، ألا وفيهم الطيب الطاهر فغثتم إذا ما شئتم .
قالت : فأصبحت مذعورة قد اقشعر جلدي ووله عقلي واقتصيت رؤياي فنمت في شعاب مكة ، فما بقي أبطحي إلا قال : هذا شيبة الحمد . وتتامت عنده قريش وانقض إليه من كل بطن رجل فشنوا من الماء ومسوا من الطيب واستلموا وطافوا ثم ارتقوا أبا قبيس فطفق القوم يدلفون حوله ما إن يدرك سعيهم مهلة ، حتى قر لذروته ، فاستكفوا جانبيه ومعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ غلام قد أيفع أو كرب فقام عبد المطلب فقال : اللهم ساد الخلة وكاشف الكربة أنت عالم غير معلم ومسؤول غير مبخل وهذه عبادك وإماؤك بعذرات حرمك يشكون إليك سنتهم التي قد أقحلت الظلف والخف فأمطرنا الله غيثا مريعا مغدقا . فما برحوا حتى فلسمعت شيخان قريش وهي تقول لعبد المطلب : هنيئا لك أبا البطحاء بك عاش أهل البطحاء . انفجرت السماء بمائها وكظ الوادي بثجيجه
وفي ذلك تقول رقيقة بنت أبي صيفي :
بشيبة الحمد أسقى الله بلدتنا وقد فقدنا الحيا واجلوذ المطر فجاد بالماء جوني له سبل
سحا فعاشت به الأنعام والشجر سيل من الله بالميمون طائره
وخير من بشرت يوما به مضر مبارك الأمر يستسقى الغمام به
ما في الأنام له عدل ولا خطر