الباب الأول في وفاة أمه آمنة بنت وهب وحضانة أم أيمن له
توفيت أمه وهو ابن أربع سنين . وقدمه في الإشارة . وقيل ست . وقيل سبع . وقيل تسع .
وقيل خمس . وقيل اثنتي عشرة سنة وشهر وعشرة أيام .
بالأبواء . وقيل بشعب أبي دب بالحجون . وغلط قائله .
قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أمه ابن إسحاق آمنة بنت وهب وجده عبد المطلب في كلاءة الله وحفظه ينبته الله نباتا حسنا لما يريد به من كرامته ، آمنة فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ست سنين توفيت أمه بالأبواء بين مكة والمدينة .
قال : وزعم بعض البصريين أنها ماتت البلاذري بمكة ودفنت في شعب أبي دب الخزاعي وذلك غير ثبت .
وقال ابن سعد : هو غلط وليس قبرها بمكة ، قبرها بالأبواء وكانت أمه قدمت به على أخواله من بني عدي بن النجار تزيره إياهم فماتت وهي راجعة به إلى مكة .
قال ابن هشام : أم عبد المطلب بن هاشم : سلمى بنت عمرو النجارية فهذه الخؤولة التي ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم . ابن إسحاق
وروى ابن سعد عن وغيره قالوا : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أمه ابن عباس آمنة بنت وهب فلما بلغ ست سنين خرجت به إلى أخواله بني عدي بن النجار تزورهم به ومعه رضي الله تعالى عنها تحضنه ، وهم على بعيرين ، فنزلت به في دار أم أيمن النابغة فأقامت به عندهم شهرا ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر أمورا كانت في مقامه ذلك ولما نظر أطم بني عدي بن النجار عرفه فقال : كنت ألاعب أنيسة جارية من الأنصار على هذا الأطم ، وكنت مع الغلمان من أخوالي نطير طائرا كان يقع عليه . ونظر إلى الدار فقال : ها هنا نزلت بي أمي وفي هذه الدار قبر أبي عبد الله وأحسنت العوم في بئر بني عدي بن النجار .
وكان قوم من اليهود يختلفون إليه ينظرون إليه . قالت : فسمعت أحدهم يقول : أم أيمن
هذا نبي هذه الأمة وهذه دار هجرته . فوعيت ذلك منه . [ ص: 121 ]
ثم رجعت به أمه إلى مكة ، فلما كانت بالأبواء توفيت أمه آمنة بنت وهب ، فقبرها هناك فرجعت به إلى أم أيمن مكة وكانت تحضنه .
وروى عن أبو نعيم محمد بن عمر الأسلمي عن شيوخه مثله وزاد : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فنظر إلي رجل من اليهود يختلف ينظر إلي فقال : يا غلام ما اسمك ؟ قلت :
أحمد ، ونظر إلى ظهري فأسمعه يقول : هذا نبي هذه الأمة ، ثم راح إلى أخوالي فأخبرهم فأخبروا أمي فخافت علي فخرجنا من المدينة . وكانت تحدث تقول : أتاني رجلان من يهود يوما نصف النهار أم أيمن بالمدينة فقالا أخرجي لنا أحمد . فأخرجته فنظرا إليه وقبلاه مليا ثم قال أحدهما لصاحبه : هذا نبي هذه الأمة وهذه دار هجرته وسيكون بهذه البلدة من القتل والسبي أمر عظيم . قالت : ووعيت ذلك كله من كلامهما . أم أيمن
وروى عن أبو نعيم أم سماعة بنت أبي رهم عن أمها قالت : شهدت آمنة بنت وهب في علتها التي ماتت فيها ومحمد غلام يفع له خمس سنين عند رأسها فنظرت إلى وجهه ثم قالت :
بارك فيك الله من غلام يا ابن الذي من حومة الحمام نجا بعون الملك المنعام
فودي غداة الضرب بالسهام بمائة من إبل سوام
إن صح ما أبصرت في منامي فأنت مبعوث إلى الأنام
من عند ذي الجلال والإكرام تبعث في الحل وفي الحرام
تبعث بالتحقيق والإسلام دين أبيك البر إبراهام
تبعث بالتخفيف والإسلام أن لا تواليها مع الأقوام
فالله أنهاك عن الأصنام
نبكي الفتاة البرة الأمينة ذات الجمال العفة الرزينة
زوجة عبد الله والقرينة أم نبي الله ذي السكينة
وصاحب المنبر بالمدينة صارت لدى حفرتها رهينة
لو فوديت لفوديت ثمينه وللمنايا شفرة سنينه
لا تبقي ظعانا ولا ظعينة إلا أتت وقطعت وتينه
أما هلكت أيها الحزينة عن الذي ذو العرش يعلي دينه
فكلنا والهة حزينه نبكيك للعطلة أو للزينه