[ ص: 152 ]
جماع أبواب سيرته صلى الله عليه وسلم في جلوسه واتكائه وقيامه ومشيه
الباب الأول في آداب جلوسه واتكائه صلى الله عليه وسلم
وفيه أنواع :
النوع الأول : في جلوسه حيث انتهى به المجلس .
روى رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انتهى به المجلس جلس حيث انتهى به المجلس ، ويأمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم . أبو نعيم
النوع الثاني : في صفة جلسته واحتبائه وآدابه في ذلك
وفيه أنواع : .
الأول : في قعوده القرفصاء .
روى في الأدب البخاري عن وأبو يعلى قيلة- بفتح القاف وسكون المثناة التحتية بعدها لام- بنت مخرمة رضي الله تعالى عنها قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا القرفصاء .
وروى عن أبو نعيم رضي الله تعالى عنه قال : أبي أمامة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس جلس القرفصاء .
الثاني : في تربعه .
روى في الأدب عن البخاري حنظلة بن خذيم رضي الله تعالى عنه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيته جالسا متربعا .
وروى عن جابر بن صخرة قال : كان ابن أبي شيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر تربع في مجلسه حتى تطلع الشمس حسنا .
الثالث : في احتبائه .
روى في الأدب عن البخاري سليم بن جابر الهجيمي رضي الله تعالى عنه قال : «أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محتب في بردة فإن هدابها لعلى قدميه» الحديث .
وروى في الأدب البخاري والنسائي عن والبزار رضي الله تعالى عنه أبي هريرة الحديث . أن [ ص: 153 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل يوما المسجد ، وأنا معه ، فجلس فاحتبى
وروى أبو داود عن والترمذي رضي الله تعالى عنه أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس احتبى بيديه ، زاد البزار ونصب ركبتيه .
وروى عن البخاري رضي الله تعالى عنهما قال : ابن عمر رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بفناء الكعبة محتبيا بيده هكذا .
وروى عن الحسن بن سفيان رضي الله تعالى عنه قال : أبي بن كعب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتبي على ركبتيه ، وكان لا يتكئ .
وروى عن ابن عدي رضي الله تعالى عنه قال : أبي سعيد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في مجلس احتبى بيديه .
وروى عنه قال : أبو نعيم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس احتبى بيديه ، وقال بعض رواته بثوبه .
وروى برجال ثقات غير الطبراني أبي عروبة محمد بن موسى فيجر رجاله عن رضي الله تعالى عنهما قال : ابن عمر رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجه الكعبة محتبيا بيديه .
الرابع : في رفعه بصره إلى السماء إذا جلس يتحدث .
روى عن البيهقي عبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس كثيرا يتحدث رفع طرفه إلى السماء .
النوع الثالث : في اتكائه .
روى ابن سعد عن قال : زر بن حبيش صفوان بن عسال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متكئ على برد له أحمر . جاء رجل من مراد يقال له
وروى الدارمي وصححه والترمذي وأبو عوانة وابن حبان وابن سعد عن وابن عدي جابر ابن سمرة رضي الله تعالى عنه قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيته متكئا على وسادة على يساره .
وروى أبو الشيخ عن رضي الله تعالى عنها قالت : عائشة رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئا على وسادة فيها صور .
النوع الرابع : في توسده صلى الله عليه وسلم ببردته .
روى عن ابن أبي شيبة رضي الله تعالى عنه قال : خباب الحديث . أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة .
الخامس : في [ ص: 154 ] جلوسه صلى الله عليه وسلم على شفير البئر ، وإدلائه رجليه في البئر ، وكشفه عن ساقيه .
وروى في الأدب عن البخاري رضي الله تعالى عنه قال : أبي موسى الأشعري خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما إلى حائط من حوائط الحاجة وخرجت في أثره ، فلما دخل الحائط جلست على بابه ، وقلت لأكونن اليوم بواب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى حاجته ، وجلس على قف البئر وكشف عن ساقيه ، وأدلاهما في البئر .
وروى في الأوسط برجال موثقين عن الطبراني رضي الله تعالى عنه قال : أبي سعيد الخدري معه ، فدلى رجليه في البئر وكشف عن فخذيه ، فجاء وبلال يستأذن ، فقال : يا أبو بكر ائذن له ، وبشره بالجنة ، فجلس عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودلى رجليه في البئر ، وكشف عن فخذه ، ثم جاء بلال يستأذن ، فقال : يا بلال ائذن له ، وبشره بالجنة ، فدخل ، فجلس عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ودلى رجليه في البئر ، وكشف عن فخذه ، ثم جاء عمر فقال : ائذن له يا عثمان ، وبشره بالجنة ، على بلوى تصيبه ، فدخل عثمان فجلس ، فعدله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودلى رجليه في البئر وكشف عن فخذه . بلال ، وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأعواف
السادس : في جلوسه صلى الله عليه وسلم مع أصحابه .
روى عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال : ابن أبي شيبة ما أخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ركبتيه بين يدي جليس له قط ، ولا يبادر يده أحد قط فيتركها حتى يكون هو يدعها ، وما جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد قط فقام حتى يقوم ، وما وجدت شيئا قط أطيب ريحا من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
السابع في أين يجلس من أصحابه صلى الله عليه وسلم ؟ .
روى أبو الحسن بن الضحاك عن كعب بن زهير رضي الله تعالى عنه قال : كان يجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه مكان المائدة من القوم حلقة ثم حلقة ، وهو في وسطهم ، فيقبل على هؤلاء فيحدثهم ، ثم على هؤلاء ، ثم على هؤلاء .
وروى عن النسائي أبي هريرة ، رضي الله تعالى عنهما قالا : وأبي ذر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس بين ظهراني أصحابه فتجيء العرب فلا تدري أين هو ؟ حتى تسأل ، فطلبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجعل له محلا فتعرفه العرب إذا رأوه ، فبنينا له دكانا من طين فكان يجلس عليه ، وكنا نجلس بجانبه سماطين .
وروى أبو الحسن بن الضحاك رضي الله تعالى عنه قال : كنا في جنازة في بقيع الغرقد فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله .
الثامن : في استلقائه صلى الله عليه وسلم .
روى عن الإمام أحمد عباد بن تميم عن عمه رضي الله تعالى عنه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقيا في المسجد ، واضعا إحدى رجليه على الأخرى . [ ص: 155 ]
التاسع : فيما كان يقوله في مجلسه .
روى وحسنه- الترمذي- وابن السني عن والحاكم رضي الله تعالى عنهما قال : ابن عمر لأصحابه : اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ، ومن اليقين ما يهون علينا مصيبات الدنيا ، ومتعنا بأسماعنا وبأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ، ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا» ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلسه حتى يدعو بهؤلاء الدعوات .