فصل [في استبراء الأمة بين شريكين]
وإن كانت أمة بين شريكين فاشترى أحدهما نصيب شريكه، فإن كان المشتري هو الحائز لها قبل الشراء ولم تكن تتصرف عنه، لم يكن له على شريكه مواضعة ولا عليه هو استبراء فيها. وإن كانت تتصرف كانت له المواضعة.
ويختلف في وإن كانت قبل الشراء عند البائع لنصيبه، كان للمشتري فيها المواضعة وعليه الاستبراء، وكل هذا إذا كانت من العلي، ويختلف إذا كانت من الوخش، هل يكون عليه فيها استبراء؟ وجوب الاستبراء،
واختلف فيمن فقال أبضع في شراء جارية وبعث إليه بها، في المدونة: لا يصيبها حتى يستبرئها. وقال مالك في كتاب أشهب محمد: لا استبراء عليه، وسواء حاضت عند الذي كان اشتراها أو في الطريق، ولا يكون الاستبراء من سوء الظن، إذ يدخل في الحرائر والمماليك. يريد: أنه يلزم مثل ذلك في زوجته أو سريته إذا كانت تتصرف.
والمسألة على ثلاثة أوجه: فإن كان متولي الشراء أو المبعوثة معه غير [ ص: 4514 ] مأمون، كان الاستبراء فيها واجبا، وإن كانا مأمونين ولم يغب الأول عليها، أو غاب عليها وله أهل وأتى بها الآخر في رفقة وجماعة ولم يغب عليها، لم يكن فيها استبراء، وإن كان الأول لا أهل له وغاب عليها أو أتى بها الآخر وحده، استحب له الاستبراء وإن كانا مأمونين; لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ولقوله: "لا يخلون رجل بامرأة ليس بينه وبينها محرم". ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تسافر المرأة مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم منها"، ولم يفرق فيها بين مأمون وغيره، فيستحب له الاستبراء لمخالفة الأحاديث ولما تخوفه النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، إلا أن يعلم أنها حاضت بعد خروجها من يد الأول، فيسقط اعتبار حال الأول ويعتبر حال الثاني. "الشيطان يهم بالواحد والاثنين، وهو من الثلاثة أبعد".
والحكم فيمن وإن كانت في حوز السيد نظرت، هل كانت مصونة عن العبد وعن التصرف أم لا؟ اشترى جارية من عبده أو انتزعها منه على مثل ذلك، فإن كانت في حوز العبد لم تحل للسيد إلا من بعد الاستبراء،