فصل [في استبراء الأمة المرهونة والموهوبة]
ومن رهن أمة ثم افتكها، فإن كان المرتهن مأمونا وله أهل، لم يكن على سيدها فيها استبراء. وإن كان مأمونا ولا أهل له، كان الاستبراء فيها مستحبا. [ ص: 4508 ]
وإن كان غير مأمون في مثل ذلك، كان الاستبراء فيها واجبا. وسواء كان له أهل أم لا، إلا أن تكون من الوخش. وكذلك إذا وهبها وكان الواهب قد أصابها وقبضها الموهوب له على وجه الأمانة ثم عادت إلى الواهب قبل أن تحيض، جرت على أحكام الوديعة، فينظر إلى الموهوب له، فإن كان مأمونا وله أهل، لم يجب فيها استبراء، وإن كان لا أهل له، كان الاستبراء فيها استحسانا، وإن كان غير مأمون وجب الاستبراء، كان له أهل أم لا. وإن عادت إليه بعد أن حاضت، وجب فيها الاستبراء على كل حال، وإن كان مأمونا وله أهل، وإن قال الواهب: لم أهب، وقبضها الموهوب له على وجه الحوز لنفسه ثم رجعت إلى الواهب قبل أن تمضي لها حيضة، لم تحل له إلا من بعد الاستبراء. وسواء كان الموهوب له مأمونا أو غير مأمون; لأنه قد يحمل الواهب في قوله: (لم أهب) على الصدق، ويعتقد أنه لا استبراء فيها.
وإن وهب الأب ولده الصغير أمة ثم اعتصرها، فإن كانت لا تتصرف لم يكن فيها استبراء. ويختلف إذا كانت تتصرف، فقال عليه الاستبراء. وعلى أصل أشهب لا يكون فيها استبراء; لأن الاستبراء ها هنا [ ص: 4509 ] من سوء الظن خيفة أن تكون زنت وهو أحسن، إلا أن يكون قبلها في مثل ذلك ظنة، وكذلك إذا وهبها لولده الكبير ولم يغب عليها، وإن غاب عليها واعترف الولد أنه لم يصبها، كان للأب أن يعتصرها. ابن القاسم:
قال وعليه أن يستبرئها. يريد: إذا كانت عنده تخرج خيفة أن تكون زنت، وليس ذلك عليه على قول ابن القاسم: وهذا إذا كان الابن مأمونا، فإن كان غير مأمون لم يصبها الأب وإن استبرأ، لإمكان أن يكون الابن قد أصابها. [ ص: 4510 ] أشهب.