فصل [فيما يجب مراعاته في استبراء الأمة]
أحدها: صفتها: هل هي رائعة أو من الوخش؟ والثاني: سنها هل هي في سن من يخشى منها الحمل أم لا؟ والثالث: البائع هل هو رجل أو امرأة؟ وإذا كان رجلا هل هو ممن يجوز له وطؤها ويخشى منه الحمل، أو ممن لا يخشى ذلك منه لأنه حصور أو مجبوب أو خصي، أو ممن لا يجوز له وطؤها كالعم والخال وابن الأخ وابن الأخت، فإن كانت الجارية رائعة وهي في سن من يخشى منها الحمل والبائع لها رجل وهو ممن يحل له وطؤها ويخشى من إصابته الحمل، كان على من صارت إليه الاستبراء فيها واجبا إذا اجتمعت هذه الشروط الخمسة; لأن الغالب الوطء والحمل مترقب، فإن انخرم شيء من هذه الشروط، فكانت الأمة من الوخش أو من العلي وهي في سن من لا يخشى منها لصغر أو كبر، أو في سن من يخشى منها الحمل والبائع ممن لا يخشى ذلك منه، كالصبي والحصور والصغير والخصي والمجبوب والمرأة، أو ممن لا يحل له وطؤها كالعم والخال وابن الأخ وابن الأخت، كان الاستبراء مختلفا فيه، فإن كانت من الوخش كان في استبرائها قولان; فقيل: واجب. وقيل: مستحب، فوجه الأول أن الأمر فيها مشكل، هل أصيبت أم لا؟ فلا يستبيحها بالشك، ووجه الثاني أن الغالب في أمثالها عدم الوطء وغيره نادر والنادر لا حكم له، وهذا إذا كان البائع لها رجلا، فإن كانت امرأة كان استحسانا، وإن كانت أمة سوداء وهي من علي ذلك الصنف كان الاستبراء واجبا، وإن لم تكن من علي كانت على الخلاف المتقدم، إلا أن [ ص: 4505 ] يعلم من البائع ميله لذلك الصنف فيكون واجبا، أو تكون متجالة فلا يكون فيها استبراء. ويراعى في استبراء الأمة ثلاثة أوجه؛
وإن كانت الجارية من علي الرقيق والبائع لها صبي أو امرأة، كان فيها ثلاثة أقوال، فقال مالك في المدونة: استبراؤها واجب. وكذلك إذا كانت لخصي أو حصور أو مجبوب فالاستبراء فيها واجب على قوله. وقال في الحاوي: إذا كان البائع امرأة أو صبيا أو خصيا فلا استبراء فيها. ويجري فيها قول ثالث: أن الاستبراء مستحب; لأن الاستبراء خيفة أن تكون قد زنت، وهذا الوجه تساوى فيه العلي والوخش، والذي ذهب إليه في هذا الأصل في كتاب أشهب محمد قال: ولا يكون الاستبراء من سوء الظن، إذ يدخل ذلك المماليك والحرائر. يريد أنه يلزم من ألزم الاستبراء في مثل ذلك، أن يقول متى طلق الرجل زوجته وأمته تتصرف ألا يصيبها إلا بعد الاستبراء، وهذا إلزام صحيح وهو موافق لما حكاه أبو الفرج عن مالك.