فصل [في الرجل إذا أعرى رجلا عرية حوائط شتى مرة أو مرة بعد أخرى، وفي الرجل إذا أعرى جماعة في مرة واحدة]
وإذا لم يجز له أن يشتري من جميعها إلا دون خمسة أوسق، كالعرية الواحدة من الحائط الواحد. أعرى رجل رجلا عرية في حوائط شتى، وهي في بلد واحد أو بلدان مفترقة، في مرة واحدة أو مرة بعد أخرى،
وإن أعرى رجل واحد جماعة في مرة واحدة، جاز أن يشتري جميعها، إذا كان الذي ينوب كل واحد دون خمسة أوسق، ويجوز له أن يشتري نصيب [ ص: 4295 ] أحدهما، إذا أراد المعروف أو رفع المضرة؛ لأنه يصح في الوجهين جميعا؛ لأن المضرة ترتفع عن المعري من دخول هذا وخروجه، وقد يتأذى بواحد دون أصحابه. وإن أعرى جماعة رجلا واحدا بعض حائط، فكانت عرية كل واحد دون خمسة أوسق، جاز لجميعهم شراء تلك العرية.
واختلف هل يجوز ذلك لبعضهم؟ فأجازه في المدونة، ومنعه ابن القاسم في كتاب ابن الماجشون قال: لأن المعري يدخل لبعض حقه، كما يدخل له كله، يريد أنه لا يرفع بذلك مضرة. والأول أحسن وأنه لا يمنع إذا قصد المعروف، وقد تنوزع في المسألة الأولى، فقال الشيخ ابن حبيب أبو بكر بن عبد الرحمن: إن أعرى رجل رجلا واحدا من حوائط شتى، لم يجز أن يشتري من تلك الحوائط، أكثر من خمسة أوسق. وقد وقف فيها إذا أعرى ناسا شتى في غير المدونة. مالك
وقال الشيخ أبو الحسن: يجوز له أن يشتري خمسة أوسق من كل حائط بخرصها، أعرى تلك الحوائط لرجل واحد، أو لرجال. قال: وبلغني عن الشيخ أبي محمد بن أبي زيد أنه قال: إن أعرى تلك الحوائط لرجل واحد فلا يشتري من جميع الحوائط بالخرص، إلا خمسة أوسق. وقال أبو القاسم ابن [ ص: 4296 ] الكاتب: إن أعرى ذلك لرجل واحد في لفظ واحد فهي عرية واحدة، فلا يشتري من جميع الحوائط بخرصها، إلا خمسة أوسق، وإن كان أعرى ذلك شيئا بعد شيء، فله أن يشتري من كل حائط خمسة أوسق.
قال الشيخ: والقول الأول أصوب والأصل المنع، والإباحة وردت مقصورة، فلا يجوزن ذلك إلا ما اشتمل عليه.
فصل [فيما إذا مات المعري أو فلس قبل أن يقبض العرية]
وإذا وسواء طلع فيها شيء أو لم يطلع، وإن قبضت الأصول بعد أن طلعت الثمرة صحت. مات المعري أو فلس، قبل أن يقبض العرية بطلت،
واختلف إذا قبضت الأصول ولم تطلع ثمرة، فقيل: لا تصح؛ لأن المعرى وهي الثمار لم تقبض، وليس الأصول المعطاة، وقيل: تصح؛ لأن الذي يبطلها التهم، وأن يكون القصد بقاءها، وأن لا يمكن منها، وقد علم أن ذلك لم يكن لأجل التهمة. [ ص: 4297 ]