فصل [في صفة الإحداد وعما يكون]
الإحداد يتضمن الامتناع من خمس: لباس المصبغات إلا السواد، والحلي والخاتم فما فوقه، والكحل، والطيب، وإلقاء التفث.
قال تلبس الحاد البياض -الكتان والقطن والحرير- ولم تمنع الحسن من الثياب إذا كانت بيضا. ومنع من المصبوغ: الحمر والصفر، والخضر، والدكن وإن كانت من صوف أو قطن أو كتان. مالك:
وقال أيضا في عصب اليمن: رقيقه بمنزلة المصبوغ من غيره، ووسع في غليظه وإن كان مصبوغا. وقال تتقي شهرة الثياب. ربيعة:
وإليه ذهب فقال: تمنع من كل زينة من اللباس والطيب وكل ما تتزين به المرأة لزوجها ويدعو الزوج إلى نكاحها ويهيج الشهوة. أبو محمد عبد الوهاب،
وهذا أحسن، وأرى أن تمنع من الثياب الحسنة وإن كانت بيضا؛ لأنها تزيد في الوضاءة وتنظر حينئذ لنفسها ويتشوف لها، وكذلك الرفيع من السواد، وعلى هذا يدل قوله - صلى الله عليه وسلم -: أنه راعى الجيد من الدنيء. "ولا تلبس ثوبا مصبوغا إلا ثوب [ ص: 2210 ] عصب".
ولا أرى أن يمنع الأخضر والأزرق الرديء، ويباح النفيس من الحرير.
وإذا فعلت، وإن لم تجد لبست، وقد يستحب بقاؤه على حاله إذا كان في تغييره فساد. لم تجد إلا ثوبا مصبوغا فقدرت على بيعه أو تغيير صبغه بسواد
ومنع الحلي- قياسا على ما جاء في منع المصبوغ والكحل؛ لأن كل ذلك من زينة النساء.- ولا تلبس خاتما ولا خرصا ولا خلخالا لا فضة ولا ذهبا. مالك
ومنع محمد خاتم الحديد.
وقاس على هذا التفث، فقال: لا تدخل الحمام ولا تطلي جسدها، ولا بأس أن تستحد وهذا صواب؛ لأن الإحداد أضيق من الإحرام للمرأة. وقد أجيز للمحرمة لباس الحلي والمصبوغ ومنعت ذلك الحاد، وإذا كان ذلك ومنعت المحرمة من الحمام وأن تطلي جسدها كانت الحاد أولى بالمنع. [ ص: 2211 ] أشهب
واختلف في فروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - منع ذلك. الكحل إذا كان بها رمد،
وقال في مختصر ابن عبد الحكم: لا تكتحل بإثمد فيه طيب وإن اشتكت عينها. وقال أيضا: لا تجعل الصبر على عينها إلا أن تضطر فتجعله بالليل وتمسحه بالنهار.
وقال ولا تمشط بشيء من الحناء والكتم ولا بما يختمر في رأسها، ولا بأس بالسدر. مالك:
وقال في فلا تلبس الثياب المصبوغة ولا الحلي ولا شيئا من الزينة، ولا تتطيب بشيء من الطيب ولا بأس بالزيت، ولا يضع بها ما لا يجوز للحاد أن تفعله. [ ص: 2212 ] الأمة يموت عنها زوجها، فيريد سيدها بيعها وأن يزينها للبيع،