فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم .
[17] ولما التقى الجمعان ببدر، أخذ - صلى الله عليه وسلم - كفا من حصباء الوادي معه [ ص: 99 ] تراب، وألقاه في وجوه القوم وقال: فلم يبق منهم أحد إلا دخل عينيه ومنخريه منه شيء، فانهزموا، وتمكن المسلمون منهم قتلا وأسرا، فلما رجعوا، قال بعضهم: قتلت فعلت، فنزل تأديبا: "شاهت الوجوه"،
فلم تقتلوهم بقوتكم; لضعفكم عنهم.
ولكن الله قتلهم بنصره إياكم.
وما رميت يا محمد رميا توصله إلى أعينهم، ولم تقدر عليه.
إذ رميت أتيت بصورة الرمي.
ولكن الله رمى أي: بلغ التراب أعينهم، إذ ليس في وسع أحد من البشر أن يرمي كفا من الحصى إلى وجوه جيش فلا يبقى فيهم عين إلا ويصيبها منه شيء. قرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي، (ولكن) في الحرفين خفيفة النون (الله) رفع، والباقون: (ولكن) مشددة النون (الله) نصب، ومعنى (لكن) نفي الخبر الماضي وإثبات المستقبل، وقرأ وخلف: عن ورش نافع، وحمزة، والكسائي، عن وأبو بكر عاصم، (رمى) بالإمالة. وخلف:
وليبلي الله المؤمنين منه بلاء حسنا أي: لينعم عليهم نعمة [ ص: 100 ] حسنة، وهي الغنيمة في الدنيا، والجنة في الأخرى، والإبلاء هنا: الإعطاء.
إن الله سميع لدعائكم عليم بنياتكم.
* * *