الأمر الثاني: إذا فعلى قولين: اختلف الورثة والمقر له، هل كان الإقرار في الصحة أو المرض؟
القول الأول: أن القول قول مدعي الصحة.
وهو قول المالكية، والشافعية.
وحجته: أن الصحة هي الأصل والغالب، والقول لمدعي الأصل. [ ص: 302 ]
ولأن الأصل في العقود الصحة، والقول لمدعي الصحة فيها، وإن أقام كل واحد بينة، فعند الشافعية تقدم بينة الصحة على المعتمد.
القول الثاني: أن القول قول مدعي المرض، وإن أقام كل منهما بينة قدمت بينة المقر له، وإن لم تكن بينة وأراد استحلاف الورثة كان له ذلك.
وبه قال الحنفية.
القول الثالث: أن القول لمدعي الصحة، وإن أقام كل منهما بينة قدمت بينة المرض.
وهو قول للشافعية.
لأنها ناقلة.
الأمر الثالث: وقت اعتبار المقر له وارثا:
اختلف العلماء -رحمهم الله تعالى- على أقوال:
القول الأول: أن المعتبر وقت الموت.
وبه قال الشافعية.
وحجته: القياس على الوصية، فإذا أقر لوارث فصار غير وارث صح إقراره، وإذا أقر لغير وارث فصار وارثا عند الموت بطل إقراره.
القول الثاني: أن المعتبر وقت الإقرار.
وهو قول المالكية والحنابلة.
فإذا أقر لغير وارث حين إقراره صح إقراره ولو صار وارثا عند الموت، [ ص: 303 ] وإن أقر لوارث حين إقراره بطل إقراره، ولو صار غير وارث عند الموت؛ لوقوعه باطلا.
وحجته: أن الاعتبار بحال اللفظ كسائر العقود.
القول الثالث: أن المعتبر وقت الإقرار والموت.
فإذا أقر لوارث واستمر وارثا حتى مات المقر بطل الإقرار، وإن أقر لغير وارث واستمر غير وارث حتى الموت صح الإقرار.
وأما إن أقر لغير وارث ثم صار وارثا، فهنا تفصيل بين سبب الإرث الطارئ والسبب الموجود حين الإقرار، فيصح في الأول ويبطل في الثاني.
فمن أقر لأجنبية ثم تزوجها أو أقرت له فتزوجها صح الإقرار; لأن سبب الإرث طارئ بعد الإقرار فلا يضر.
بخلاف من أقر لأخيه وله ولد حين الإقرار ثم مات ولده، فإن الإقرار لا يصح; لأن سبب الإرث وهو النسب كان موجودا وقت الإقرار.
وهو قول الحنفية.