3- قياس الإقرار في المرض على التبرع في المرض، بجامع أن كلا إيصال المال إلى وارثه، فلا يجوز إلا بإجازة الورثة، والقياس على الوصية أيضا.
ونوقش: هذا قياس بوجود الفارق من وجوه:
الأول: أن التبرع عطية خالصة من مال المتبرع بعد تعلق حق الورثة بماله، والإقرار إخبار بحق للمقر له في مال المقر، فليس فيه إعطاء مال.
الثاني: أن الهبة لا تصح ولو شهدت البينة عليها، بخلاف الإقرار، فإنه إذا شهدت بينة بصدق المقر يلزم تنفيذه من رأس المال.
الثالث: أن الإقرار لا يجوز الرجوع عنه، والوصية يجوز الرجوع عنها، فلا يصح قياسه عليها.
4- أن المريض في حالة مرضه يتهم بأنه أراد الوصية لوارثه، فلما رأى نفسه ممنوعا منها تحول إلى الإقرار له حتى لا تعترض ورثته على تصرفه.
ونوقش: بأن مقتضى هذا الدليل هو اعتبار التهمة دون رد إقراره مطلقا.
5- أن كون الدين في ذمة المريض لا يعدو أن يكون أمرا ظنيا، وما يحصل لباقي الورثة من الضرر أمر محقق، فكيف يترك العمل بالمحقق، ويعمل بالمظنون؟!
ونوقش من وجهين:
الأول: أن هذا الدليل يشمل الوارث وغيره، فهو يناقض قولهم بقبول إقرار الأجنبي. [ ص: 301 ]
الثاني: أنه غير مسلم; لأن الضرر على الورثة في شيء تعلقت حقوقهم به، وهنا لم تتعلق حقوقهم بالمال المقر به.
6- أن المريض محجور عليه في حق الوارث، فلم يصح إقراره له كالصبي لما حجر عليه في حق الناس لم يصح إقراره لواحد منهم.
ونوقش: بأن المريض ليس محجورا عليه في حق الوارث مطلقا، بل محجور عليه فيما تضمن تبرعا، والإقرار لا يتضمن تبرعا إذا دلت القرائن على صدقه، بخلاف الصبي فهو محجور عليه في حق جميع المعاوضات والتبرعات.
دليل من رأى الاعتماد على التهمة:
الاعتماد على قوة التهمة وضعفها، فحيث قويت التهمة يبطل الإقرار، وإذا ضعفت صح الإقرار، وقوة التهمة وضعفها يختلف باختلاف الأحوال والصور، كما سبق.
الترجيح:
يترجح -والله أعلم- أن يقبل إذا لم يكن هناك تهمة، ولا يقبل مع وجود التهمة فهو وسط، ففيه مصلحة المريض والمقر له، وكذا الورثة. إقرار المريض لوارث