[ ص: 233 ]
المبحث الثاني: ما يلحق بمرض الموت
وفيه مطالب:
هناك حالات ألحق الفقهاء صاحبها بالمريض مرض الموت، مع أنه ليس بمريض لكن لما يخشى من هلاكه، وهذه الحالات هي:
المطلب الأول: الحامل
واختلف في الوقت الذي تلحق فيه بمرض الموت على قولين:
القول الأول: أنه لا يكون مخوفا إلا إذا كانت في المخاض.
وبه قال الحنفية، والشافعية، وصححه من ابن قدامة الحنابلة، قال المرداوي: هي المذهب، وبه قال النخعي.
وحجته: أنه ألم شديد يخاف منه التلف; فأشبهت سائر الأمراض المخوفة، وأما قبل ذلك فلا ألم بها، واحتمال وجوده خلاف العادة، فلا يثبت الحكم باحتماله البعيد مع عدمه كالصحيح. [ ص: 234 ]
ولقاعدة: الأمور بخواتيمها.
وعند الشافعية: بعد الولادة، فإن بقيت المشيمة معها فهو مخوف، وإن مات الولد في بطنها فهو مخوف; لأنه يصعب خروجه، وإن وضعت الولد وخرجت المشيمة وحصل ثم ورم، أو ضربان شديد فهو مخوف.
القول الثاني: أنه إذا أكملت ستة أشهر، ودخلت في الشهر السابع.
وهو قول المالكية، ورواية عن قال الإمام أحمد، الحارثي: هي المذهب.
وحجته: قول الله عز وجل: فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين وقوله تعالى: فبشرناها بإسحاق .
وجه الدلالة: أن الله تعالى جعل أول الحمل بشارة، وجعل آخره ثقيلا، وسبب الخوف من وقت الوضع; لذلك دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين، فوقت الإثقال هو وقت الوضع.
وهذا الذي ذكره الفقهاء -رحمهم الله- قبل ترقي الطب، أما في زماننا هذا بعد ترقي الطب فيمكن أن تكون مثل هذه الحالات ليست مخوفة، وعلى هذا يرجع إلى ثقات الأطباء في تحديد كونه مخوفا، أو غير مخوف.
وعند الظاهرية، وهو قول الحسن البصري، والقاسم بن محمد، أن تبرعاتها من رأس المال. [ ص: 235 ] ومكحول:
وتقدم قول الظاهرية: إن المريض مرضا مخوفا تبرعاته من رأس المال، وتقدم دليله والجواب عليه.
* * *