المطلب الثالث:
الصورة الثالثة: إعمار المنفعة
بأن يقول: سكنى هذه الدار لك عمرك، أو اسكنها عمرك، ونحو ذلك، فاختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول: أن للمسكن الرجوع متى شاء، ومتى مات بطلت الإباحة.
وهو قول جمهور أهل العلم.
القول الثاني: أنها كالعمرى تكون له ولعقبه.
وبه قال الحسن، وعطاء، وقتادة.
الأدلة:
أدلة الرأي الأول: (الرجوع):
(240) 1- ما رواه الإمام عن مالك: أن نافع ورث من عبد الله بن عمر دارها قال: "وكانت حفصة بنت عمر قد أسكنت بنت حفصة ما عاشت، فلما توفيت بنت زيد بن الخطاب زيد قبض السكن، ورأى أنها له". [ ص: 27 ] عبد الله بن عمر
2- أنها هبة منافع، والمنافع تستوفى بمضي الزمان شيئا فشيئا، فلا تلزم إلا في قدر ما قبضه منها، واستوفاه بالسكنى.
3- أن الأصل بقاء الملك، ولا دليل على انتقاله.
دليل الرأي الثاني: (عدم الرجوع):
أنها في معنى العمرى، فيثبت فيها مثل حكمها.
ونوقش هذا الاستدلال: بأنه قياس مع الفارق; إذ العمرى تمليك للرقبة، بخلاف مسألتنا فهي تمليك للمنفعة.
الترجيح:
الراجح -والله أعلم- ما ذهب إليه جمهور أهل العلم; لقوة دليلهم في مقابل ضعف دليل القول الثاني بمناقشة.