الفصل الثاني
الشهادة
الكلام عن الشهادة يقتضي بيان معناها في اللغة والشرع، ثم بيان حجيتها، وركنها، وسبب أدائها، ومكانه، وشروط قبولها .
وفيه مباحث: [ ص: 444 ]
[ ص: 445 ] المبحث الأول
معنى الشهادة، ومشروعيتها
الشهادة في اللغة : خبر قاطع بما قد شوهد، وشهدت الشيء: اطلعت عليه وعاينته، وشهد بالله : حلف به، وشهدت المجلس: حضرته، ومن ذلك قوله تعالى : فمن شهد منكم الشهر فليصمه ، أي : فمن كان حاضرا مقيما غير مسافر فأدركه الشهر فليصمه، وقيل : هو محمول على العادة بمشاهدة الشهر، وهي رؤية الهلال .
والشاهد: حامل الشهادة ومؤديها ; لأنه مشاهد لما غاب عن غيره.
والشهادة في الشرع : إخبار صدق بحق للغير على آخر بلفظ الشهادة، في مجلس القضاء.
دل عليها : الكتاب، والسنة، والإجماع، والمعقول. والشهادة حجة شرعية في إثبات الحقوق،
أما الكتاب:
فقوله تعالى : واستشهدوا شهيدين من رجالكم . [ ص: 446 ] . وقوله تعالى : وأشهدوا ذوي عدل منكم .
وقوله تعالى : وأشهدوا إذا تبايعتم .
وقوله تعالى : ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه .
وأما السنة :
(299) فقد روى البخاري من طريق ومسلم عن أبي وائل، عبد الله رضي الله عنه حين خاصم يهوديا جحده : "شاهداك أو يمينه ". للأشعث بن قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
وأما الإجماع: فإن العلماء اتفقوا على اعتبار الشهادة حجة لإثبات المشهود به، والعمل على ذلك من غير نكير من أحد، فكان إجماعا.
ومن النظر:
فإن وجود التجاحد بين الناس، وإنكار الحقوق، وخراب الذمم وفسادها قد أدى إلى ضرورة اعتبار الشهادة في إثبات الحقوق; إذ لولاها لضاع كثير من الحقوق، ولما استطاع أصحابها إثبات حقوقهم، خاصة فيما لا يمكن إثباته إلا بها. [ ص: 447 ]