المطلب الثاني
عزل الواقف منصوبه من نظارة الوقف
إذا نصب الواقف ناظرا على وقفه، ويرى بعد ذلك عدم صلاحيته لذلك السبب من الأسباب، فهل يملك عزله؟
إذا اشترط الوقف أحقيته في عزل الناظر كان له عزله ، القاعدة : "نص الواقف كنص الشارع"، وذلك فيما لا مخالفة فيه لحكم شرعي .
وإلا اختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة أقوال:
القول الأول : أنه ما لم يشرط لنفسه حق العزل. ليس للواقف عزل الناظر ولو كان متوليا من جهته
وبه قال وغيره من محمد بن الحسن الحنفية، وهو وجه عند [ ص: 419 ] الشافعية، وأحد الوجهين عند الحنابلة .
القول الثاني: أن للواقف عزل الناظر المولى من قبله ما لم يشترط نظره حال الوقف.
وبهذا قال من أبو يوسف الحنفية، وبه قال المالكية، وهو الصحيح من مذهب الشافعية ، والحنابلة.
لكن قيده الشافعية، والحنابلة: بألا يشترط الواقف النظر للناظر حال الوقف.
الأدلة :
أدلة القول الأول:
1- عموم أدلة وجوب الوفاء بشرط الواقف.
وجه الدلالة: دلت هذه الأدلة على أن الواقف إذا شرط لنفسه عزل الناظر ملك ذلك عملا بشرطه الذي أقره الشارع.
2- أن الناظر قائم مقام أهل لا مقام الواقف، فلا سلطة للواقف عليه.
3- أن ملكه قد زال، فلا تبقى ولايته عليه. [ ص: 420 ]
دليل أصحاب القول الثاني: (للواقف عزل الناظر المولى من قبله، إلا إذا شرط له النظر حال الوقف) :
قياس عزل الواقف الناظر المولى من قبله على عزل الموكل وكيله ، فكما أن للموكل عزل وكيله بلا سبب، فكذا للواقف عزل الناظر; إذ كل منهما نائب.
ونوقش هذا الاستدلال: بأنه قياس مع الفارق ; إذ الناظر ليس وكيلا عن الواقف، بل هو قائم مقام أهل الوقف.
الترجيح :
الراجح - والله أعلم - إن كان هناك مسوغ ملكه وإلا فلا ; إذ الأصل بقاء الولاية إلا لمسوغ شرعي.