الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
121 \ 1815 - عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=673542nindex.php?page=treesubj&link=3759لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا، طوافه الأول .
قال ابن القيم رحمه الله: nindex.php?page=treesubj&link=3758اختلف العلماء في طواف القارن والمتمتع على ثلاثة مذاهب:
أحدها: أن على كل منهما طوافين وسعيين، روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة، وأهل الكوفة، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي، [ ص: 376 ] وإحدى الروايات عن nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد.
الثاني: أن عليهما كليهما طوافا واحدا وسعيا واحدا، نص عليه الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في رواية ابنه عبد الله، وهو ظاهر حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر هذا.
والثالث: أن على المتمتع طوافين وسعيين، وعلى القارن سعي واحد، وهذا هو المعروف عن عطاء، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي، وظاهر مذهب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد. وحجتهم حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة، وقد تقدم، وذكرنا ما قيل فيه.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: nindex.php?page=hadith&LINKID=65851أنه طاف طوافين، وسعى سعيين من رواية nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر nindex.php?page=showalam&ids=40وعمران بن حصين، ولا يثبت شيء منها.
والذين قالوا: لا بد للمتمتع من سعيين تأولوا حديث جابر بتأويلات مستكرهة جدا. فقال بعضهم: "طوافا واحدا" أي : طوافين على صفة واحدة، فـ"الواحدة" راجعة إلى صفة الطواف لا إلى نفسه! وهذا في غاية البعد، [ ص: 377 ] وسياق الكلام يشهد ببطلانه.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي: "أراد به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين كانوا قارنين خاصة. فإنه صلى الله عليه وسلم كان مفردا، وأمر أصحابه أن يحلوا من إحرامهم إلا من ساق الهدي، فاكتفى هو وأصحابه القارنون بطواف واحد" ز
وهذا بعيد جدا، فإن الذين قرنوا من أصحابه كلهم حلوا بعمرة إلا من ساق الهدي من سائرهم، وهم آحاد يسيرة، لم يبلغوا العشرة بل ولا الخمسة، بل الحديث ظاهر جدا في اكتفائهم كلهم بطواف واحد بين الصفا والمروة، ولم يأت لهذا الحديث معارض إلا حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة، وقد ذكر بعض الحفاظ أن تلك الزيادة من قول nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة، لا من قولها.
وقد ثبت عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس اكتفاء المتمتع بسعي واحد؛ روى nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد في مناسك ابنه عبد الله، عن nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم، عن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي، عن عطاء، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه كان يقول: القارن والمفرد والمتمتع يجزيه طواف البيت، وسعي بين الصفا والمروة .
ولكن في "صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري" عن عكرمة عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: nindex.php?page=hadith&LINKID=74213nindex.php?page=treesubj&link=32223_3738أنه سئل عن متعة الحج ؟ فقال: أهل المهاجرون والأنصار وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وأهللنا، فلما قدمنا مكة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلوا إهلالكم بالحج عمرة، إلا من قلد الهدي، طفنا بالبيت وبالصفا والمروة، وأتينا [ ص: 378 ] النساء، ولبسنا الثياب، وقال: من قلد الهدي فإنه لا يحل له حتى يبلغ الهدي محله، ثم أمرنا عشية التروية أن نهل بالحج، فإذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة، فقد تم حجنا، وعلينا الهدي، كما قال الله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم إلى أمصاركم، الشاة تجزئ، فجمعوا نسكين في عام بين الحج والعمرة، فإن الله أنزله في كتابه، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأباحه للناس غير أهل مكة وذكر باقي الحديث.
فهذا صريح في أن المتمتع يسعى سعيين، وهذا مثل حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة سواء، بل هو أصرح منه في تعدد السعي على المتمتع، فإن صح عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ما رواه الوليد، عن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي، عن عطاء، فلعل عنه في المسألة روايتان، كما عن nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد فيها روايتان.
وفي "مسائل عبد الله" قال: قلت لأبي: المتمتع كم يسعى بين الصفا والمروة ؟ قال: إن طاف طوافين فهو أجود، وإن طاف طوافا واحدا فلا بأس، قال: وإن طاف [طوافين] فهو أعجب إلي، واحتج بحديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر.
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد فهم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قولها: nindex.php?page=hadith&LINKID=651454فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبالصفا والمروة، ثم حلوا، ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى بحجهم أن هذا طواف القدوم.
واستحب في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15202المروذي وغيره للقادم من عرفة، إذا كان متمتعا أن [ ص: 379 ] يطوف طواف القدوم.
ورد عليه بعض أصحابه ذلك، وفهم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أن المراد به طواف الفرض، وهذا سهو منه، فإن طواف الفرض مشترك بين الجميع، nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة أثبتت للمتمتع ما نفته عن القارن، وليس المراد بحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة، إلا الطواف بين الصفا والمروة، والله أعلم.