فائدة [ ] كان بعض الفضلاء يقول : إن الصفات المذكورة في الحدود لا يجوز أن تعرب أخبارا ثواني ، بل يتعين إعرابها صفة لما يلزم على الأول من استقلال كل خبر بالحد ، ومن هنا منع جماعة أن يكون حلو حامض خبرين . وأوجب إعراب الصفات في الحدود الأخفش أن يعرب حامض صفة . والجمهور القائلون : إن كلا منهما خبر لا يلزمهم القول بمثله في نحو : [ ص: 151 ] الإنسان حيوان ناطق ; لأن حلو حامض ضدان . فالعقل يصرف عن توهم أن يكونا مقصودين بالذات وأن يكون كل منهما قصد معناه فلا توقع في الغلط . بخلاف الإنسان حيوان ناطق ليس في اللفظ ، ولا في العقل إذا كانا خبرين ما يصرف كلا منهما عن الاستقلال ، ولأمر آخر وهو أن الخبر الأول من حلو حامض كالخبر الثاني ليس له حكم بالكلية . حتى نقل عن الفارسي أنه لا يتحمل ضميرا ، وما شأنه ذلك لا يدخل في الحدود ; لأن كل واحد من حيوان وناطق مثلا مقصود وحده . ألا ترى أنك تقول : دخل بالجنس كذا ، ثم خرج بالفصل الأول كذا ، ثم بالفصل الثاني كذا ؟ فقد جعلت لكل معنى مستقلا وليس كذلك شأن حلو حامض . فلم يبق إلا أن يكونا خبرين مستقلين فيفسد الحد ، أو يكون الثاني صفة وهو المدعى ، فليتأمل ذلك .