[ كيفية معرفة الطريق إلى معرفة وضع الألفاظ ]
السابع : في ، وهو إما بالنقل الصرف أو بالعقل الصرف أو المركب منهما . كيفية معرفة الطريق إلى معرفة وضع الألفاظ لمعانيها
الأول : النقل ، وهو إما متواتر كالأرض والسماء والحر والبرد وهو مفيد للقطع ، وإما آحاد كالقرء ونحوه ، وهو مفيد للظن بشروطه الآتية عند الجمهور .
وحكى القاضي من الحنابلة عن السمناني في مسألة العموم : أن اللغة لا تثبت بالآحاد ، وكأنه قول الواقفية في صيغ العموم والأمر .
والحق : أنه إنما يكون حجة في باب العمليات والأحكام . أما ما يتعلق بالعقائد فلا ، لأنها لا تفيد القطع .
قال في المحصول " : والعجب من الأصوليين حيث أقاموا في الشرع ، ولم يقيموا الدليل على ذلك في اللغة وكان [ ص: 250 ] هذا ، لأن إثبات اللغة كالأصل للتمسك بخبر الواحد . الدليل على أن خبر الواحد حجة
قال الأصفهاني : وهذا ضعيف ، لأن الذي دل على حجية خبر الواحد في الشرع على التمسك به في نقل اللغة آحادا إذا وجدت الشرائط ، فلعلهم أهملوا ذلك اكتفاء منهم بالأدلة الدالة على أن خبر الواحد حجة في الشرع . وأورد في المحصول " تشكيكات كثيرة على نقل اللغة وناقلها ، ومن جيد أجوبتها : أنها على قسمين : فمنه ما يعلم بالضرورة مدلوله فيندفع عند جميع التشكيكات إذ لا تشكيك في الضروريات ، والأكثر في اللغة هو هذا ، ومنه ما ليس كذلك فيكتفى فيه بالظن ، ونقل الآحاد .
وقال أبو الفضل بن عبدان في شرائط الأحكام " وتبعه الجيلي في الإعجاز " : ولا يلزم اللغة إلا بخمس شرائط :
أحدها : ثبوت ذلك عن العرب بنقل صحيح بوجوب العمل .
والثاني : عدالة الناقلين كما يعتبر عدالتهم في الشرعيات . والثالث : أن يكون النقل عمن قوله حجة في أصل اللغة كالعرب العاربة مثل قحطان ومعد وعدنان ، فأما إذا نقلوا عمن بعدهم بعد فساد لسانهم واختلاف المولدين ، فلا . [ ص: 251 ]
قلت : ووقع في كلام وغيره الاستشهاد بشعر الزمخشري بل في الإيضاح " أبي تمام للفارسي ، ووجه بأن الاستشهاد بتقرير النقلة كلامهم وأنه لم يخرج عن قوانين العرب .
وقال : يستشهد بشعر المولدين في المعاني كما يستشهد بشعر ابن جني العرب في الألفاظ .
والرابع : أن يكون الناقل قد سمع منهم حسا ، وأما بغيره فلا يثبت .
والخامس : أن يسمع من الناقل حسا . ا هـ .
الثاني : العقل : قال وغيره : وهو لا يفيد وحده ، إذ لا مجال له في معرفة كيفية الموضوعات اللغوية . البيضاوي
الثالث : المركب منهما كما إذا نقل أن الجمع المعرف باللام يدخله الاستثناء ، وأن الاستثناء إخراج ما لولاه لتناوله اللفظ ، فإن العقل يدرك ذلك وأن الجمع المعرف للعموم ، وهو يفيد القطع إن كانت مقدماته كلها قطعية ، والظن إن كان منها شيء ظني .
واعترض في المحصول " بأن الاستدلال بالمقدمتين النقليتين على النتيجة لا يصح إلا إذا ثبت أن الناقضة ممنوعة على الواضع ، وهذا إنما يثبت إذا قلنا : إن الواضع هو الله تعالى ، وقد بينا أن ذلك غير معلوم .
والتحقيق : أن هذا القسم لا يخرج عن القسمين قبله ، إذ ليس المراد بالنقل أن يكون النقل مستقلا بالدلالة من غير مدخل للعقل فيه ، ألا ترى أن صدق المخبر لا بد منه وهو عقلي ؟ وقد قال سليم في باب المفهوم من التقريب " : ، لأن له مدخلا في الاستدلال بمخارج كلامهم على مقاصدهم وموضوعاتهم . تثبت اللغة بالعقل