الإدراك بلا حكم تصور ، ومع الحكم تصديق ، لكن مجموعهما أو الحكم وحده فيه خلاف ، فذهب القدماء إلى أنه الحكم . واختار ضابط : [ الإدراك ] الإمام فخر الدين أنه المجموع . ومال إليه الشيخ تقي الدين في شرح العنوان " ، وهو جهل ، إن كان جازما غير مطابق ، وتقليد إن طابق وإن لم يكن لموجب ، وعلم إن كان لموجب عقلي أو حسي ، أو مركب منهما وهو المتواترات ، وإن لم يكن جازما فإن تساوى طرفاه ، فهو الشك ، وإلا فالراجح ظن صادق إن طابق ، أو كاذب إن لم يطابق ، والمرجوح وهم . ولا يرد قول القائل : اعتقاد المقلد حادث . وكل حادث لا بد له من سبب ، فكيف يقولون في الاعتقاد له بالموجب ؟ ; لأنا نقول المراد بالموجب ما ذكرنا ، واعتقاد المقلد ليس عن برهان حسي ، أو عقلي ، أو مركب منهما .
وأورد بأن الشك تردد لا حكم فيه ، فكيف يورد في قسم الحكم ؟ وأيضا فالوهم ينافي الحكم بالشيء . وأجيب بأن الشاك له حكمان متساويان بمعنى أنه حاكم بجواز وقوع [ ص: 74 ] هذا النقيض بدلا عن النقيض الآخر ، وبالعكس . والظان حاكم ، ويلزم منه وجود الوهم ، وحكمه بالطرف الآخر يكون مرجوحا ، فظهر أن الشاك حاكم ، وكذلك الواهم . نعم جعلهم التقليد الجازم المطابق لا لموجب لا يعم أنواع التقليد ، بل يخص الصحيح منه ، وجعلهم الجهل هو الحكم الجازم من غير مطابقة لا يعم أنواع الجهل بل يخص المركب ، ويخرج عنه الجهل البسيط الذي هو عدم العلم عما من شأنه أن يعلم ، وسمى الدارمي من أصحابنا الوهم تجويزا . قال النووي : وعند الفقهاء الشك والظن مترادفان . .
قلت : وهذا إنما قالوه في الأحداث لا مطلقا . ألا تراهم يقولون : الطلاق لا يقع بالشك ؟ . يريدون التساوي أو المرجوح ، وإلا فهو يقع بالظن الغالب كما قاله الرافعي في باب الاعتكاف . قال الدارمي : ومن قال بهذا يسمي الراجح غالب الظن ، ثم رجح أن مستوي الطرفين هو الشك ، والراجح ظن ، والزائد في الرجحان غالب الظن .