" النظر مكتسب " النظر مكتسب بالاتفاق وإذا وجد بشروطه أفاد العلم . وقالت الحكماء : النظر في الإلهيات لا يفيد العلم ، وإنما يفيد في الهندسيات والحسابات ، ويقع العلم عقبه على المشهور . وقيل : مع آخر [ ص: 67 ] جزء من أجزائه . حكاه عبد الجليل في " شرح اللامع " . وعلى الأول فاختلفوا في كيفية حصوله على أربعة أقوال : أحدها : وبه قال الأشعري إنه يستلزمه عادة بإيجاد الله تعالى ، وكحصول الشبع عقب الأكل ، والري عقب الشرب ، ورد بأنه لو كان كذلك لكان خرقه جائزا وعدمه ممكنا . وهاهنا حصول العلم واجب لا محالة فيستحيل أن لا يحصل عقب كمال النظر ، والثاني : وهو مذهب المعتزلة أنه يستلزم العلم بالتولد ، وهو الحاصل عن المقدور بالقدرة الحادثة لا بالمباشرة كحركة السهم عن الرمي ، ويجب وقوعه بعد النظر كوقوع المعلول بعد العلة . والثالث : أنه يستلزم العلم عقلا بإيجاب ذاتي ، أي : ذاته موجبة لذلك ، وصححه الإمام في المحصول " . والرابع : أنه يستلزم العلم بتضمن المقدمات المنتجة بطريق اللزوم الذي لا بد منه ، لا يكون النظر علة ، ولا مولدا ، وهو قول ، القاضي أبي بكر وإمام الحرمين [ ص: 68 ] وقال الآمدي : إنه الحق . وهذه المسألة من فروع خلق الأفعال . واحتج أصحابنا على أن النظر غير مولد للعلم . بقيام الأدلة على أن الإنسان لا يفعل إلا ما هو قادر عليه ، وأن قدرة الإنسان لا توجد قبل مقدورها . وإذا ثبت لنا هذا الأصل بدليل بطل أن يكون العلم الواقع عقب النظر من فعل الإنسان ، وذلك ; لأنه لو كان من فعله ، لوجب كونه قادرا عليه بقدرة تقارنه ، أو تقارن القدرة على سببه الذي هو النظر . وهو محال ; لأنه يوجب تقدم القدرة على مقدورها ، والله أعلم .