المسألة الخامسة : إذا ، وحكاه تعدد محل الحكم بأن لم يفصل أهل العصر بين مسألتين بل ذهب بعضهم إلى حكاية وجهين في هذه المسألة ، وقال : الأصح امتناعه عن أصحابهم . قال في المحصول " : وهذا الإجماع متأخر عن سائر الإجماعات في القوة ; لعدم التصريح . ا هـ . ومنهم من فصل ، فقال : إن كان طريق الحكم واحدا لم يجز الفصل ، وإلا جاز . قال أبو بكر الرازي الهندي : وهو المختار . والتحقيق أنهم إن نصوا على عدم الفرق بأن قالوا : لا فصل بينهما في [ ص: 522 ] كل الأحكام أو في الحكم الفلاني ; امتنع الفصل بينهما على الصحيح ، وحكى الهندي فيه الاتفاق ، وليس كذلك ، ففيه خلاف . حكاه القاضي في التقريب " ، وحكاه في اللمع " احتمالا عن ، وإن لم ينصوا كمن ورث العمة ، ورث الخالة ، ومن منع إحداهما ، منع الأخرى ; لأن المأخذ واحد ، وهو المحرمية ، وإن لم يكن كذلك ، فقيل : لا يجوز الفرق ، والحق جوازه ; لأنه إذا لم يتحد المأخذ لم يمتنع الخلاف . وقال القاضي أبي الطيب : إن عينوا الحكم ، وقالوا : لا تفصيل ، حرم الفصل ، وإن لم يعينوا ، ولكن أجمعوا عليه مجملا ، فلا يعلم تفصيله إلا بدليل غير الإجماع ، فإن دل الدليل على أنهم أرادوا معينا تعين ، أو أرادوا العموم تعين العموم . ومتى كان مدرك أحد الصنفين مجملا ، أو كاد أن يكون مجملا ، جاز التفصيل بين المسألتين . وكلام القاضي عبد الوهاب التبريزي في التنقيح " يدل على أنه إذا وقع الاشتراك في المأخذ ، فهو محل الخلاف ، وأما إذا لم يشتركا فيه ، فلا خلاف في أنه ليس بحجة ، وهو خلاف كلام الرازي . ومنشأ الخلاف ، فيكون خرقا للإجماع ، أو ليس كإحداثه ; لأن المفصل قال في كل مسألة بقول بينهما ، ولم يلزم من هذه المسألة نسبة الأمة إلى جميع الحق ، كما يلزم من تلك ، فلا يكون خرقا للإجماع ، وهو الصحيح . هل إحداث الفصل بين المسألتين كإحداث قول فيهما
وقال : إن نصوا على التسوية بينهما في حكم واحد ، حرم على من بعدهم التفريق قطعا ، وإن سووا بينهما في حكمين [ ص: 523 ] على البدل فاختلفوا على قولين ، وبالجواز قال الأستاذ أبو منصور ، محمد بن سيرين ; لأن الصحابة اختلفوا في زوج أو زوجة وأبوين ، وكذلك الجماع ، والأكل ناسيا . وقال وسفيان الثوري سليم : إن أجمعوا على التسوية بينهما في حكم ، كقولهم : لكل واحدة من الجدتين أم الأم ، وأم الأب إذا انفردت السدس ، لم يجز لمن بعدهم أن يفرق بينهما ، فيجعل لأم الأم الثلث ; لأنه يخالفهم في التي تزيد على فرضها ، وهكذا إذا أجمعوا على التفرقة بين المسألتين في الحكم ، كقولهم : للأم مع الأب الثلث ، وللجدة معه السدس ، لم يجز لمن بعدهم أن يسوي بينهما ، وهذان لا خلاف فيهما . وقال ابن القطان : إذا أجمعوا على أن الكرم والنخل في المساقاة سواء من يجيزهما ومن يأباهما يردها ، فقال : هذا إجماع ، ولا يجوز التفريق بينهما ، ويقول : قد أجمعوا على التسوية . قال : وهذا فاسد ، وعندنا أن ذلك لا يكون إجماعا ; لأن القول بالعلة غير الاعتبار بهذا ; لأنا نجد من يقول : هذه العين حلال ، وهذه حرام ، وإن كان من قائلين . فهاتان مسألتان . والعجب من داود في هذا ، فيقال له : خبرنا عن المساقاة على الثلث والربع من أي طريق أخذتها ؟ فقال : من طريق الإجماع ، وهو أن الذين اختلفوا ، فرقوا في الرد والإجازة . قلنا لهم : إنما أخذوا ذلك عن طريق القياس من الإجازة ، ثم هو لا يجيز المساقاة ، والمجمعون سووا بينهما ، فقالوا : الكرم لا يجوز كما لا يجوز النخل ، ومن أجاز سوى بينهما ، فلم فرقت ؟ داود