مسألة ذهب بعض المجوزين لتأخير البيان في العموم إلى منع التدريج في البيان
فقالوا إذا ذكر إخراج شيء من العموم فينبغي أن يذكر جميع ما يخرج ، وإلا أوهم ذلك استعمال العموم في الباقي . وهذا أيضا غلط ، بل من توهم ذلك فهو المخطئ ، فإنه كما كان يجوز الخصوص فإنه ينبغي أن يبقى تجوزا له في الباقي ، وإن أخرج البعض ، ; إذ ليس في إخراج البعض تصريح بحسم سبيل لشيء آخر ، كيف وقد نزل قوله تعالى : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } فسئل النبي عليه السلام عن الاستطاعة ، فقال : " الزاد والراحلة " ولم يتعرض لأمن الطريق والسلامة وطلب الخفارة ، وذلك يجوز أن يتبين بدليل آخر بعده وقال تعالى : { والسارق والسارقة } ثم ذكر النصاب بعده ثم ذكر الحرز بعد ذلك . وكذلك كان يخرج شيئا شيئا من العموم على قدر وقوع الوقائع ، وكذلك يخرج من قوله : { فاقتلوا المشركين } أهل الذمة مرة والعسيف مرة والمرأة مرة أخرى وكذلك على التدريج ، ولا إحالة في شيء من ذلك . فإن قيل : فإذا كان كذلك فمتى يجب على المجتهد الحكم بالعموم ولا يزال منتظرا لدليل بعده ؟ قلنا : سيأتي ذلك في كتاب العموم والخصوص إن شاء الله .