بفتح المعجمة والباء الموحدة . يقال : هذا شبه هذا وشبيهه ، كما يقال : مثله ومثيله . وهو بهذا المعنى يطلق على كل قياس ; لأن الفرع لا بد أن يشبه الأصل ، لكن غلب إطلاقه على هذا النوع الخامس من مسالك العلة ( وهو ) أي قياس الشبه في الاصطلاح ( تردد فرع بين أصلين شبهه ) أي الفرع ( بأحدهما ) أي بأحد الأصلين ( في الأوصاف ) المعتبرة في الشرع ( أكثر ) من الآخر . فإلحاق الفرع بأحد الأصلين الذي شبهه به أكثر : هو قياس الشبه . ولا يكونان أصلين لهذا الفرع ، حتى يكون فيه مناط كل منهما . ( الخامس ) من مسالك العلة ( إثباتها بالشبه )
مثال ذلك : العبد فإنه متردد بين الحر والبهيمة ، وتظهر فائدة ذلك في التمليك له . فمن قال : يملك بالتمليك ، قال : هو إنسان يثاب ويعاقب ، وينكح ويطلق ، ويكلف بأنواع من العبادات ، ويفهم ويعقل ، وهو ذو نفس ناطقة ، فأشبه الحر . ومن قال : لا يملك ، قال : هو حيوان يجوز بيعه ورهنه وهبته وإجارته وإرثه ونحوها ، أشبه الدابة . وكذا المذي ، فإنه متردد بين البول والمني ، فمن قال بنجاسته قال : هو خارج من الفرج لا يخلق منه الولد ، ولا يجب به الغسل ، أشبه البول . ومن قال بطهارته قال : هو خارج تحلله الشهوة ويخرج أمامها ، أشبه المني .
( ويعتبر الشبه حكما لا حقيقة ) أي في الحكم لا في الحقيقة عند الأكثر من أصحابنا والشافعية ، ولهذا ألحقوا العبد المقتول بسائر الأموال المملوكة في لزوم قيمته على القاتل ، بجامع أن كل واحد منها يباع ويشترى . ومن أمثلته عند الشافعية أن يقال في الترتيب في الوضوء : عبادة يبطلها الحدث . فكان الترتيب فيها مستحبا ، أصله الصلاة . فالمشابهة في الحكم الذي هو البطلان بالحدث ، ولا تعلق له بالترتيب ، وإنما هو مجرد [ ص: 529 ] شبه .
واعتبر أبو بشر إسماعيل بن إبراهيم ابن علية المشابهة في الصورة دون الحكم ، كقياس الخيل على البغال والحمير في سقوط الزكاة وقياس الحنفية في حرمة اللحم - أي لحم الخيل - على لحم الحمير ، وكرد وطء الشبهة إلى النكاح في سقوط الحد ، ووجوب المهر لشبهه في الوطء بالنكاح في الأحكام ، ومقتضى ذلك : قتل الحر بالعبد ، كما يقوله . ولهذا نقل عنه أبو حنيفة أبو المعالي في البرهان ، كابن علية وقال : إنه ألحق التشهد الثاني بالأول في عدم الوجوب . فقال : تشهد فلا يجب ، كالتشهد الأول ، ونحو ذلك عن ، إذ قال بوجوب الجلوس في التشهد الأول ; لأنه أحد الجلوسين في تشهد الصلاة ، فوجب كالتشهد الأخير . أحمد
حكاه ( ولا يصار إليه ) أي إلى قياس الشبه ( مع ) إمكان ( قياس العلة ) في التقريب إجماعا ( فإن عدم ) إمكان قياس العلة ( فحجة ) أي فقياس الشبه حجة عندنا وعند الشافعية ، حتى قال القاضي أبو بكر الباقلاني : لا عبرة بالمخالف لما سبق في السبر ، وهو المنقول عن ابن عقيل . وقيل : ليس بحجة ، والتعليل به فاسد . اختاره الإمام الشافعي من أصحابنا ، وهو قول الحنفية القاضي والصيرفي والباقلاني ، وأبي إسحاق المروزي لكنه عند وأبي إسحاق الشيرازي صالح ; لأن يرجح به . وقيل : إنما يحتج به في التعليل إذا كان في قياس فرع قد اجتذبه أصلان ، فيلحق بأحدهما بغلبة الاشتباه ، ويسمونه قياس غلبة الاشتباه . الباقلاني