( ويجوز ) عند أكثر العلماء ومنعه جمع ونقل عن ( نسخ بلا بدل ) عن المنسوخ المعتزلة ومنعه بعض العلماء في العبادة ، بناء على أن النسخ يجمع معنى الرفع والنقل واستدل للأول - الذي هو الصحيح - بأنه نسخ تقديم الصدقة أمام المناجاة ، وتحريم ادخار لحوم الأضاحي وفي أنه { البخاري } ثم نسخ واحتج كان إذا دخل وقت الفطر ، فنام قبل أن يفطر يحرم الطعام والشراب ، وإتيان النساء إلى الليلة الآتية الآمدي أنه لو فرض وقوعه لم يلزم منه محال . ورده بعض أصحابنا وغيرهم بأنه مجرد دعوى قالوا : قال تعالى { نأت بخير منها أو مثلها } رد الخلاف في الحكم لا في اللفظ ثم ليس بعام في كل حكم . ثم مخصص بما سبق ثم يكون نسخه بغير بدل خيرا ، لمصلحة علمها ثم إنما تدل الآية أنه لم يقع ، لا أنه لا يجوز .
وأيضا المصلحة قد تكون فيما نسخ ، ثم تصير المصلحة في عدمه . هذا عند من يعتبر المصالح . وأما عند من لا يعتبرها فلا إشكال فيه وبالجملة : قال الله تعالى { يفعل ما يشاء } قال : كما يجوز أن الله سبحانه وتعالى يرفع التكاليف كلها . فرفع بعضها بلا بدل من باب أولى ( ووقع ) في قول الأكثر وخالف الباقلاني رحمه الله وأول والدليل على الوقوع ما تقدم من الآيات وعبارة الشافعي في الرسالة في ابتداء الناسخ والمنسوخ : وليس ينسخ فرض أبدا ، إلا أثبت مكانه فرض ، كما نسخت قبلة الشافعي بيت المقدس . فأثبت مكانها الكعبة .
قال الصيرفي في شرحه : مراده أن ينقل من حظر إلى إباحة ، أو من إباحة إلى حظر أو تخيير على حسب أحوال المفروض . قال : كنسخ المناجاة ، فإنه تعالى لما فرض تقديم الصدقة ، أزال ذلك بردهم إلى ما كانوا عليه ، فإن شاءوا تقربوا إلى الله تعالى بالصدقة ، وإن شاءوا ناجوه من غير صدقة قال : فهذا معنى قول : فرض مكان فرض فتفهمه . انتهى . فظهر أن مراد الشافعي بالبدل أعم من حكم آخر [ ص: 469 ] ضد المنسوخ كالقبلة أو الرد لما كانوا عليه قبل شرع المنسوخ كالمناجاة ، فالمدار على ثبوت حكم شرعي في المنسوخ في الجملة ، حتى لا يتركوا هملا بلا حكم في ذلك المنسوخ بالكلية ، إذ ما في الشريعة منسوخ إلا وقد انتقل عنه إلى أمر آخر ، ولو أنه إلى ما كان عليه قبل ذلك ، فلم يترك الرب عباده هملا . الشافعي