( من كل وجه ) فالخبر ( مقدم ) أما كون خبر الواحد مقدما على ما عليه عمل أكثر الأمة : فهو الذي عليه جماهير العلماء . وحكاه بعضهم إجماعا . وأما كونه مقدما مع مخالفته القياس من كل وجه : فلنص ( وخبر الواحد وإن ) فرض أنه ( خالف عمل أكثر الأمة أو ) أنه خالف ( القياس ) أحمد رضي الله تعالى عنهما وأصحابهما والشافعي من الحنفية والأكثر من العلماء . واستدل لذلك بقول والكرخي رضي الله عنه " لولا هذا لقضينا فيه برأينا " وبرجوعه إلى توريث المرأة من دية زوجها ، ولعمل جماعة من الصحابة بذلك . قال عمر رضي الله عنه : أكثرهم ينهى عن الوضوء بفضل وضوء المرأة ، والقرعة في عتق جماعة في مرض موته وغير ذلك ، وشاع ولم ينكر . وقدم المالكية القياس . وقاله أكثر الحنفية : إن خالف الأصول أو معنى الأصول لا قياس الأصول . وأجازوا الوضوء بالنبيذ سفرا ، وأبطلوه بالقهقهة داخل الصلاة . الإمام أحمد
واحتجت المالكية لتقديمهم القياس باحتمال كذب الراوي وفسقه وكفره وخطئه ، والإجمال في الدلالة والتجوز والإضمار والنسخ مما لا يحتمله القياس . ورد ذلك بأنه بعيد ، وبتطرقه إلى أصل ثبت بخبر الواحد ، وبتقديم ظاهر الكتاب والسنة المتواترة مع التطرق في الدلالة . قالوا ظنه في الخبر من جهة غيره ، وفي القياس من جهة نفسه ، وهو بها أوثق . رد ذلك بأن الخطأ إليه أقرب من الخطإ في الخبر ، والخبر مستند إلى المعصوم . ويصير ضروريا بضم أخبار إليه ، ولا يفتقر إلى قياس ولا إجماع كما في لبن المصراة . وهو أصل بنفسه ، أو مستثنى للمصلحة ، وقطع النزاع لاختلاطه .
واعترض بمثل قول ابن عباس - وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم { لأبي هريرة } فقال { توضئوا مما مست النار أفنتوضأ من الحميم } أي من الماء الحار . فقال " يا ابن أخي إذا سمعت حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا تضرب [ ص: 315 ] له مثلا " رواه أبو هريرة الترمذي . . رد بأن ذلك استبعاد لمخالفته الظاهر . وفي الصحيحين عن وابن ماجه رضي الله عنهما { ابن عباس } وأيضا خبر أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من كتف شاة . وصلى ولم يتوضأ سبق في أن الإجماع حجة ، ولأن الخبر أقوى في غلبة الظن ; لأنه يجتهد فيه في العدالة والدلالة ، ويجتهد في القياس في ثبوت حكم الأصل ، وكونه معللا وصلاحية الوصف للتعليل ، ووجوده في الفروع ، ونفي المعارض في الأصل والفرع . ولما تعارضت الأدلة عند معاذ : توقف في المسألة . وعند ابن الباقلاني أبي الحسين : إن كانت العلة بنص قطعي فالقياس كالنص على حكمها ، وإن كان الأصل مقطوعا به فقط . فالاجتهاد والترجيح .
وعند صاحب المحصول يقدم الخبر ما لم توجب الضرورة تركه . كخبر المصراة لمعارضته الإجماع في ضمان المثل أو القيمة . وعند الآمدي ومن وافقه إن ثبتت العلة بنص راجح على الخبر ، وهي قطعية في الفرع فالقياس ، أو ظنية فالوقف . وإلا فالخبر . ومعنى كلام جماعة من أصحابنا يقتضيه ( ويعمل ب ) الحديث ( الضعيف في الفضائل ) عند رضي الله عنه الإمام أحمد والأكثر قال والموفق : إذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام شددنا في الأسانيد . وإذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال ، وما لا يضع حكما ولا يرفعه تساهلنا في الأسانيد . واستحب أحمد الاجتماع ليلة العيد في رواية . فدل على العمل به لو كان شعارا . وفي المغني في صلاة التسبيح : الفضائل لا يشترط لها صحة الخبر ، واستحبها جماعة ليلة العيد . فدل على التفرقة بين الشعار وغيره . الإمام أحمد
قاله ابن مفلح في أصوله . وعن رواية أخرى . لا يعمل بالحديث الضعيف في الفضائل . ولهذا لم يستحب صلاة التسبيح لضعف خبرها عنده ، مع أنه خبر مشهور عمل به وصححه غير واحد من الأئمة . ولم يستحب أيضا التيمم بضربتين على الصحيح عنه ، مع أن فيه أخبارا وآثارا ، وغير ذلك من مسائل الفروع . قال بعض أصحابنا : يعمل به في الترغيب والترهيب ، لا في إثبات [ ص: 316 ] مستحب ولا غيره . قال أحمد الشيخ تقي الدين عن قول وقول العلماء في الحديث الضعيف في فضائل الأعمال . قال العمل به بمعنى أن النفس ترجو ذلك الثواب ، وتخاف ذلك العقاب . ومثال ذلك : الترغيب والترهيب بالإسرائيليات والمنامات وكلمات أحمد السلف والعلماء ووقائع العالم ، ونحو ذلك مما لا يجوز بمجرده إثبات حكم شرعي ، لا استحباب ولا غيره . لكن يجوز أن يدخل في الترغيب والترهيب فيما علم حسنه أو قبحه بأدلة الشرع . فإن ذلك ينفع ولا يضر ، وسواء كان ذلك في نفس الأمر حقا أو باطلا . وقال في شرح العمدة في التيمم بضربتين : والعمل بالضعاف إنما يسوغ في عمل قد علم أنه مشروع في الجملة . فإذا رغب في بعض أنواعه بحديث ضعيف عمل به . أما ، إثبات سنة فلا . ونقل الجماعة عن أنه كان يكتب حديث الرجل الضعيف ، أحمد كابن لهيعة وجابر الجعفي . فيقال له . فيقول أعرفه أعتبر به ، كأني أستدل به مع غيره ، لا أنه حجة إذا انفرد . ويقول : يقوي بعضها بعضا . ويقول : الحديث عن وابن أبي مريم الجعفي قد يحتاج إليه في وقت . وقال : كنت لا أكتب حديث جابر الجعفي ، ثم كتبته أعتبر به . وقال أيضا : ما أعجب أمر الفقهاء في ذلك . من أعجبهم ، يكتب عن الرجل مع علمه بضعفه . ويزيد بن هارون
وفي جامع القاضي : أن الحديث الضعيف لا يحتج به في المآثم وقال : مذهبه - يعني : الخلال - أن الحديث الضعيف إذا لم يكن له معارض قال به . الإمام أحمد
وقال في كفارة وطء الحائض : مذهبه في الأحاديث ، إن كانت مضطربة ولم يكن لها معارض قال بها . وقال في رواية أحمد : طريقي لست أخالف ما ضعف من الحديث إذا لم يكن في الباب ما يدفعه . عبد الله