فائدة : ذكر القرافي . أحدها : قبول الخبر الصدق والكذب ، بخلاف الإنشاء . الثاني : أن الخبر تابع للمخبر عنه في أي زمان كان ماضيا كان أو حالا أو مستقبلا ، والإنشاء متبوع لمتعلقه . فيترتب عليه بعده . الثالث : أن الإنشاء سبب لوجود متعلقه . فيعقب آخر حرف منه أو يوجد مع آخر حرف منه على الخلاف في ذلك إلا أن يمنع مانع . وليس الخبر سببا ولا معلقا عليه ، بل مظهر له فقط انتهى . فروقا بين الخبر والإنشاء
وهذه الفروق راجعة إلى أن الخبر له خارج يصدق أو يكذب . ومما ينبني على ذلك أن الظهار هل هو خبر أو إنشاء ؟ قال القرافي : قد يتوهم أنه إنشاء وليس كذلك لأن الله تعالى أشار إلى كذب المظاهر ثلاث مرات بقوله تعالى { ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن الله لعفو غفور } قال : ولأنه حرام ولا سبب لتحريمه إلا كونه كذبا . وأجاب عمن قال : سبب التحريم : أنه قائم مقام الطلاق الثلاث . وذلك حرام على رأي [ ص: 253 ] وأطال في ذلك ، لكن قال البرماوي : الظاهر أنه إنشاء خلافا له ; لأن مقصود الناطق به تحقيق معناه الخبري بإنشاء التحريم . فالتكذيب ورد على معناه الخبري لا على ما قصد من إنشاء التحريم . فلذلك وجبت الكفارة ، حيث لم يقصد به طلاقا ولا ظهارا إلا من حيث الإخبار . فالإنشاء ضربان : ضرب أذن الشارع فيه كما أراده المنشئ . كالطلاق . وضرب لم يأذن فيه الشرع ، ولكن رتب عليه حكما . وهو الظهار ، رتب عليه تحريم المرأة إذا عاد حتى يكفر . وقوله : إنها حرام لا يقصد طلاقا أو ظهارا رتب فيه التحريم حتى يكفر . انتهى ( ويتعلق ) من قسم الإنشاء ( بمعدوم مستقبل ) اثنا عشر حقيقة ( أمر ونهي ودعاء وترج وتمن ) لدلالة هذه الخمسة على الطلب . وطلب الماضي متعذر ، والحال موجود ، وطلب تحصيل الحاصل محال . فتعين المستقبل ( وشرط وجزاء ) لأن معنى هاتين الحقيقتين ربط أمر وتوقيف دخوله في الوجود على وجود أمر آخر . والتوقف في الوجود إنما يكون على المستقبل ( ووعد ووعيد ) لأن الوعد حث على مستقبل فيما تتوقعه النفس من خير . والوعيد زجر عن مستقبل بما تتوقعه النفس من شر . والتوقع لا يكون إلا في المستقبل ( وإباحة ) وذلك لأن الإباحة تخيير بين الفعل أو الترك .
والتخيير إنما يكون في معدوم مستقبل ( وعرض ) نحو ألا تنزل عندنا فنكرمك ( وتحضيض ) نحو : هلا تنزل عندنا فنكرمك ; لأن كلا منهما مختص بالمستقبل ، لكن التحضيض أشد وأبلغ من العرض .