116 - قوله: (ص): "وهو أقسام منها: ما أدرج في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كلام بعض رواته. .." إلى آخره.
لم يذكر المصنف من إلا أربعة: أقسام المدرج
قسم في المتن وثلاثة في الإسناد.
وقد قسمه الذي صنف فيه إلى سبعة أقسام. الخطيب
وقد لخصته ورتبته على (الأبواب والمسانيد) [وزدت] على ما ذكره أكثر من القدر الذي ذكره. الخطيب
[ :] مواضع الإدراج
وحاصله /أن الإدراج تارة يقع في المتن وتارة يقع في الإسناد. فأما الذي في المتن فتارة أن يدرج الراوي في حديث النبي /- صلى الله عليه وسلم - شيئا من كلام غيره مع إيهام كونه من كلامه. وهو على ثلاث مراتب:
[ ص: 812 ] [ :] مراتب الإدراج
1- أحدها: أن يكون ذلك في أول المتن وهو نادر جدا.
2- ثانيها: أن يكون في آخره، وهو الأكثر.
3- ثالثها: أن يكون في الوسط، وهو قليل.
ثم قد يكون المدرج من قول الصحابي أو التابعي أو من بعده.
[ :] وجوه معرفة المدرج
والطريق إلى معرفة ذلك من وجوه:
1- الأول: أن يستحيل إضافة ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
2- الثاني: أن يصرح الصحابي بأنه لم يسمع تلك الجملة من النبي - صلى الله عليه وسلم -.
3- الثالث: أن يصرح بعض الرواة بتفصيل المدرج فيه عن المتن المرفوع فيه بأن يضيف الكلام إلى قائله.
مثال الأول: وهو ما لا تصح إضافته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
حديث ، عن ابن المبارك يونس ، عن ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبي هريرة /". "للعبد المملوك أجران
"والذي نفسي بيده لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك" .
[ ص: 813 ] رواه عن البخاري بشر بن محمد عن . ابن المبارك
فهذا الفصل الذي في آخر الحديث لا يجوز أن يكون من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ يمتنع عليه أن يتمنى أن يصير مملوكا - وأيضا فلم يكن له أم يبرها، بل هذا من قول - رضي الله عنه - أدرج في المتن. أبي هريرة
وقد بينه حيان بن موسى عن ، فساق الحديث إلى قوله "أجران" فقال فيه: "والذي نفس ابن المبارك بيده .." إلى آخره. أبي هريرة
وهكذا هو في رواية عند ابن وهب وهذا من مسلم كما قدمناه. فوائد المستخرجات
ومثال الثاني: حديث - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ابن مسعود
. "من \مات وهو لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة"
. "ومن مات وهو يشرك بالله شيئا دخل النار"
هكذا رواه أحمد بن عبد الجبار العطاردي ، عن بإسناده ووهم فيه. أبي بكر ابن عياش
[ ص: 814 ] فقد رواه وغيره عن الأسود بن عامر شاذان بلفظ: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – (يقول: أبي بكر بن عياش ) وأخرى أقولها - ولم أسمعها منه - صلى الله عليه وسلم -). من جعل لله عز وجل ندا دخل النار
من مات لا يجعل لله ندا أدخله الجنة" .
والحديث في "صحيح " من غير هذا الوجه عن مسلم - رضي الله عنه - ولفظه: ابن مسعود فذكره. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كلمة وقلت أخرى
فهذا كالذي قبله في الجزم بكونه مدرجا.
[ ص: 815 ] ومثال الثالث: ما ذكره المصنف من حديث - رضي الله تعالى عنه - وقوله: ابن مسعود . "فإذا قلت هذا، فقد قضيت صلاتك"
ومنه - أيضا - حديث عبد الله بن خيران ، عن ، عن شعبة ، أنه سمع أنس بن سيرين - رضي الله تعالى عنهما - يقول: ابن عمر - رضي الله تعالى عنه - ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "مره فليراجعها، فإذا طهرت فليطلقها" عمر قال: فتحتسب بالتطليقة؟ طلقت امرأتي وهي حائض، فذكر
قال: فمه؟
قال : "هذا مدرج والصواب أن الاستفهام من قول الخطيب ، وأن الجواب من ابن سيرين - رضي الله تعالى عنهما". ابن عمر
[ ص: 816 ] بين ذلك محمد بن جعفر ، ويحيى بن سعيد القطان وفي روايتهم عن والنضر بن شميل . شعبة
قلت: وكذا فصله ، خالد بن الحارث وبهز بن أسد عن وسليمان بن حرب ، وحديث بعضهم في الصحيحين. شعبة
وكذلك رواه من طريق مسلم عن عبد الملك بن أبي سليمان . أنس بن سيرين
قال : "ورواه الخطيب بشر بن عمر الزهراني ، عن فوهم فيه وهما فاحشا، فإنه قال فيه: شعبة - رضي الله عنه -: يا رسول الله.. أفتحتسب بتلك التطليقة؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: نعم" عمر . "قال
قلت: والحكم على هذا القسم الثالث بالإدراج يكون بحسب غلبة ظن المحدث الحافظ الناقد، ولا يوجب القطع بذلك خلاف القسمين الأولين، [ ص: 817 ] وأكثر هذا الثالث يقع تفسيرا لبعض الألفاظ الواقعة في الحديث كما في أحاديث الشغار والمحاقلة والمزابنة.
[ ص: 818 ] والزهو والقزع والنفخ والبعث والغرة وغيرهما.
[ ص: 819 ] والأمر في ذلك سهل لأنه إن ثبت رفعه، فذاك وإلا فالراوي أعرف بتفسير ما روى من غيره.
فأما ما وقع في المتن من كلام الصحابة - رضي الله تعالى عنهم - مدرجا في كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد ذكرنا أمثلته.
وربما وقع الحكم بالإدراج في حديث ويكون ذلك اللفظ المدرج ثابتا من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن من رواية أخرى كما في حديث : أبي موسى ، والهرج القتل" . "إن بين يدي الساعة أياما يرفع فيها العلم ويظهر فيها الهرج
فصله بعض الحفاظ من الرواة وبين أن قوله: "والهرج القتل من كلام ". أبي موسى
ومع ذلك، فقد ثبت تفسيره بذلك من وجه آخر مرفوعا في حديث [ ص: 820 ] -رضي الله عنهم- عن سالم بن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه -. أبي هريرة
ومثل ذلك حديث أسبغوا الوضوء. كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وأما ما وقع من كلام التابعين، فمن بعدهم، فمنه حديث عد الأسماء الحسنى فيما رواه ، واستغربه من طريق الترمذي ، عن الوليد بن مسلم عن أبي الزناد ، عن الأعرج - رضي الله عنه -. أبي هريرة
فإن الحديث في الصحيح من طريق عن شعبة دون ذكر الأسماء. أبي الزناد
[ ص: 821 ] فأما سياق الأسماء فيقال: إنها مدرجة في الخبر من كلام كما ذكرت ذلك بشواهده في الكتاب الذي جمعته فيه. الوليد بن مسلم
[ :] ما أدرج في الحديث من كلام بعض التابعين
وأما ما أدرج من كلام بعض التابعين أو من بعدهم في كلام الصحابة - رضي الله عنهم - فمنه حديث - رضي الله عنه - في قصة مرضه سعد بن أبي وقاص بمكة واستئذان النبي - صلى الله عليه وسلم - في الوصية، وفيه:
لكن البائس سعد بن خولة - يرثي له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن مات بمكة فإن قوله: "يرثي له.." إلى آخره من كلام أدرج في الخبر إذ رواه عن الزهري ، عن أبيه. عامر بن سعد
وكذلك حديث عائشة - رضي الله تعالى عنها - الذي رواه من [ ص: 822 ] طريق مسلم زهير وغيره عن عن يحيى بن سعيد الأنصاري أبي سلمة عنها - رضي الله عنها - قالت: كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان للشغل برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن قوله: "للشغل. .." إلى آخره من كلام يحيى بن سعيد .
كذلك رواه في مصنفه عن عبد الرزاق عن ابن جريج يحيى بن سعيد وقال في آخره: "فظننت: أن ذلك لمكانها من النبي - صلى الله عليه وسلم - يحيى بن سعيد يقوله".
ورواه عن عبد الرزاق بدون الزيادة التي في آخره. الثوري
وكذا هو في من رواية مسلم ابن عيينة . وعبد الوهاب الثقفي
ومنه أيضا حديث عن مالك ، عن ابن شهاب ابن أكيمة عن - رضي الله عنه - قال: أبي هريرة
[ ص: 823 ] . "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة جهر فيها بالقراءة فلما انصرف - صلى الله عليه وسلم - قال: هل جهر معي أحد منكم؟ فقال رجل منهم: نعم! أنا يا رسول الله. قال - صلى الله عليه وسلم -: إني أقول: ما لي أنازع القرآن"
فانتهى الناس عن القراءة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما جهر فيه من الصلوات .
بين وغيره من الحفاظ أن قوله: "فانتهى الناس. .." إلى آخره من كلام محمد بن يحيى الذهلي أدرج في الخبر. الزهري
[ ص: 824 ] [ :] الإدراج في أول الخبر
وأما ما وقع من الإدراج في أول الخبر فقد ذكر شيخنا مثاله وهو قول - رضي الله تعالى عنه -: أبي هريرة . "أسبغوا الوضوء ويل للأعقاب من النار"
على أن قوله: "أسبغوا الوضوء" قد ثبت من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث في "الصحيح". عبد الله بن عمرو
وفتشت ما جمعه في المدرج ومقدار ما زدت عليه منه فلم أجد له مثالا آخر إلا ما جاء في بعض طرق حديث الخطيب بسرة الآتي من رواية محمد بن دينار ، عن . هشام بن حسان
[ ص: 825 ] [ :] الإدراج في وسط الحديث
وأما ما وقع في وسطه، فقد نقل شيخنا عن ابن دقيق العيد أنه ضعف الحكم بالإدراج على مثل ذلك.
وقد وقع منه قول : "والتحنث: التعبد" في حديثه عن الزهري ، عروة عن عائشة - رضي الله عنها - في بدء الوحي في قولها فيه: "وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه - وهو التعبد الليالي ذوات العدد. .. " إلى آخر الحديث بطوله فإن قوله: "وهو التعبد" من كلام أدرج في الحديث من غير تمييز كما أوضحته في الشرح. الزهري
وكذلك حديث إبراهيم بن علي التميمي عن عن مالك بن أنس عن ابن شهاب - رضي الله عنه - قال: أنس بن مالك مكة يوم الفتح وعلى رأسه المغفر - وهو غير محرم فقيل له: إن [ ص: 826 ] ابن خطل متعلق بأستار الكعبة ، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "اقتلوه" فإن قوله: "وهو غير محرم" من كلام إن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل أدرجه هذا الراوي في الخبر. الزهري
وقد رواه أصحاب الموطأ بدون هذه الزيادة، وبين بعضهم أنها كلام . الزهري
ومن ذلك حديث - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ابن مسعود . "الطيرة شرك، وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل"
رواه من طريق الترمذي عن وكيع سفيان عن عن سلمة بن كهيل عيسى بن عاصم ، عن عن زر بن حبيش عبد الله فذكره.
قال: هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديث سلمة وقد رواه عن شعبة سلمة .
[ ص: 827 ] قال: وسمعت محمدا يقول: كان يقول في هذا "وما منا إلا": هذا عندي من قول سليمان بن حرب - رضي الله تعالى عنه -. ابن مسعود
قلت: رواه في مسنده عن أبو داود الطيالسي مثل حديث شعبة ورواه وكيع علي بن الجعد وغندر وحجاج بن محمد ووهب بن جرير وجماعة عن والنضر بن شميل فلم يذكروا فيه "وما منا إلا". شعبة
وهكذا رواه عن إسحاق بن راهويه ، عن أبي نعيم . سفيان الثوري
قلت: والحكم على هذه الجملة بالإدراج متعين وهو يشبه (ما قدمناه) في المدرك الأول للإدراج وهو ما لا يجوز أن يضاف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لاستحالة أن يضاف إليه شيء من الشرك.
ومن ذلك حديث فضالة بن عبيد سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:
..." الحديث. "أنا زعيم - والزعيم الحميل - ببيت في ربض الجنة لمن آمن بي وهاجر
أشار إلى أن قوله: "والزعيم الحميل" مدرج ومن ذلك [ ص: 828 ] قوله - في حديث ابن حبان عكرمة عن - رضي الله تعالى عنه -: في صفة نزول الوحي: أبي هريرة ..." الحديث. فإن قوله: "والعنان السحاب" مدرج. "تنزل الملائكة في العنان - والعنان السحاب
وكذا قوله: في حديث لقيط بن صبرة في قصة وفادته.
قال فيه: ..." الحديث. "فأتينا بقناع \من رطب - والقناع الطبق
فقوله: "والقناع الطبق" مدرج في الخبر.
وقد ذكرت شواهد ذلك جميعه في الكتاب المذكور.
وعلى هذا فتضعيف ابن دقيق العيد للحكم بذلك فيه نظر فإنه إذا ثبت بطريقه أن ذلك من كلام بعض الرواة لا مانع من الحكم عليه بالإدراج.
وفي الجملة إذا قام الدليل على إدراج جملة معينة بحيث يغلب على الظن [ ص: 829 ] ذلك فسواء كان في الأول أو الوسط أو الآخر، فإن سبب ذلك الاختصار من بعض الرواة بحذف أداة التفسير أو التفصيل فيجيء من بعده فيرويه مدمج من غير تفصيل فيقع ذلك.
فقد روينا في كتاب الصلاة قال: "ثنا لأبي حاتم ابن حبان عمر بن محمد الهمداني قال: ثنا قال: قال أبو بكر الأثرم كان أبو عبد الله: أحمد بن حنبل يقول في الحديث - يعني كذا وكذا - وربما حذف يعني وذكر التفسير في الحديث. وكيع
وكذا كان يفسر الأحاديث كثيرا وربما أسقط أداة التفسير فكان بعض أقرانه ربما يقول له: افصل كلامك من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -. الزهري
وقد ذكرت كثيرا من هذه الحكايات وكثيرا من أمثلة ذلك في الكتاب المذكور، واسمه "تقريب المنهج بترتيب المدرج" أعان الله على تكميله وتبييضه إنه على كل شيء قدير.
تنبيه:
استدرك شيخنا على قوله: "إن الخطيب عبد الحميد بن جعفر تفرد عن هشام بزيادة (ذكر الأنثيين والرفغين).
[ ص: 830 ] في حديث بسرة بأن رواه أيضا عن يزيد بن زريع وهو كما قال إلا أنه مدرج - أيضا -. أيوب
والذي أدرجه هو راويه عن أبو كامل الجحدري يزيد .
وقد خالفه عبيد الله بن عمر القواريري وأبو الأشعث أحمد بن المقدام وأحمد بن عبيد الله العنبري وغير واحد فرووه عن مفصولا. يزيد بن زريع
ولفظ من طريق الدارقطني عن أبي الأشعث بسرة أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: قال فكان "من مس ذكره فليتوضأ" يقول: "إذا مس رفغه أو أنثييه أو ذكره فليتوضأ" . عروة
وذكر شيخنا أن زاد فيه ذكر الأنثيين من رواية الدارقطني - أيضا - عن ابن جريج هشام وهو كما قال، إلا أنه مدرج - أيضا - كما بينه ، وكذا أخرجه الدارقطني من رواية الطبراني . وله طريقان آخران عن ابن جريج مدرجان يستدرك بهما على هشام بن عروة أيضا. الخطيب
[ ص: 831 ] 1- أحدهما: من طريق محمد بن دينار عن هشام عن أبيه عن بسرة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: . "من مس رفغيه أو أنثييه أو ذكره، فلا يصلي حتى يتوضأ"
2- ثانيهما: رواه في "كتاب" الأبواب عن ابن شاهين ابن أبي داود قالا: ثنا ويحيى بن صاعد محمد بن بشار : ثنا عبد الأعلى ثنا ثنا هشام بن حسان عن أبيه فذكر الحديث: هشام بن عروة . "إذا مس أحدكم ذكره أو أنثييه فليعد الوضوء"
وسيأتي لفظه في النوع الثاني والعشرين إن شاء الله تعالى- ومما يدل على أنه لم يتقنه أن رواه أيضا عن ابن شاهين (هـ) عن البغوي ، عن الدقيقي ، عن يزيد بن هارون عن هشام بن حسان بلفظ: هشام بن عروة
[ ص: 832 ] . فتردده يدل على أنه ما ضبطه. "إذا مس أحدكم ذكره أو قال فرجه أو قال أنثييه فليتوضأ"
وقد فصله حماد بن زيد وأيوب وغير واحد عن هشام ، واقتصر على المرفوع منه فقط وشعبة والثوري وتمام عشرين من الحفاظ. كما بينته في الكتاب المذكور ولله الحمد.
ومن أمثلته أيضا حديث: "ما عزت النية في الحديث إلا لشرفه" .
رواه من طريق الخطيب شبل بن عباد عن ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج - رضي الله تعالى عنه - مرفوعا وبين أنه لا أصل له من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما هو من كلام أبي هريرة دخل لبعض الرواة فيه إسناد في إسناد. يزيد بن هارون
قلت: وأما فهو على خمسة أقسام: مدرج الإسناد
1- أحدها: أن يكون المتن مختلف الإسناد بالنسبة إلى أفراد رواته، فيرويه راو واحد عنهم، فيحمل بعض رواياتهم على بعض ولا يميز بينها.
2- ثانيها: أن يكون المتن عند الراوي له بالإسناد إلا طرفا منه فإنه عنده بإسناد آخر، فيرويه بعضهم عنه تاما بالإسناد الأول.
3- ثالثها: أن يكون متنان مختلفي الإسناد، فيدرج بعض الرواة شيئا من أحدهما في الآخر، ولا يكون ذلك الشيء من رواية ذلك الراوي، ومن هذه الحيثية، فارق القسم الذي قبله.
وهذه الأقسام الثلاثة قد ذكرها . ابن الصلاح
[ ص: 833 ] (وذكر مثلها عن حميد عن - رضي الله تعالى عنه - ). أنس
إلا أن الأول قد يقع فيه إيهام وصل مرسل أو إيصال منقطع.
مثاله: ما رواه عثمان بن عمر عن عن إسرائيل أبي إسحاق عن أبي عبد الرحمن السلمي وعبد الله بن حلام عن - رضي الله تعالى عنه - قال: عبد الله بن مسعود خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بيت سودة رضي الله عنها فإذا امرأة على الطريق قد تشوفت ترجو أن يتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . ..." الحديث.
وفيه: . "إذا رأى أحدكم امرأة تعجبه \، فليأت أهله فإن معها مثل الذي معها"
فظاهر هذا السياق يوهم أن أبا إسحاق رواه عن أبي عبد الرحمن وعبد الله بن حلام جميعا عن - رضي الله عنه. عبد الله بن مسعود
وليس كذلك، وإنما رواه أبو إسحاق ، عن أبي عبد الرحمن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلا وعن أبي إسحاق عن عبد الله بن حلام ، [ ص: 834 ] عن - رضي الله تعالى عنه - متصلا بينه ابن مسعود عبيد الله بن موسى وقبيصة ومعاوية بن هشام عن متصلا. الثوري
- رابعها: أن يكون المتن عند الراوي إلا طرفا منه فإنه لم يسمعه من شيخه فيه وإنما سمعه من واسطة بينه وبين شيخه، فيدرجه بعض الرواة عنه فلا تفصيل.
وهذا مما يشترك فيه الإدراج والتدليس.
مثال ذلك حديث ، عن إسماعيل بن جعفر حميد عن - رضي الله تعالى عنه - في قصة العرنيين وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لهم: أنس . ولفظة: "وأبوالها" إنما سمعها "لو خرجتم إلى إبلنا فشربتم من ألبانها وأبوالها" حميد من عن قتادة - رضي الله تعالى عنه -. أنس
بينه يزيد بن هارون ومحمد بن أبي عدي وآخرون. ومروان بن معاوية
[ ص: 835 ] كلهم يقول فيه: "فشربتم من ألبانها" قال حميد : قال عن قتادة رضي الله تعالى عنه "وأبوالها". فرواية أنس إسماعيل على هذا فيها إدراج وتسوية والله أعلم.
5- خامسها: أن لا يذكر المحدث متن الحديث، بل يسوق إسناده فقط، ثم يقطعه قاطع فيذكر كلاما فيظن بعض من سمعه أن ذلك الكلام هو متن ذلك الإسناد.
ومثاله: في قصة ثابت بن موسى الزاهد مع كما مثل به شريك القاضي لشبه الوضع، وجزم ابن الصلاح بأنه من المدرج. ابن حبان
[ ص: 836 ] هذه أقسام مدرج الإسناد، أن تأتي رواية مفصلة للرواية المدرجة وتتقوى الرواية المفصلة، بأن يرويه بعض الرواة مقتصرا على إحدى الجملتين كما روى والطريق إلى معرفة كونه مدرجا من طريق أحمد ، عن روح بن عبادة عن شعبة عن قتادة مطرف عن عائشة رضي الله عنها قالت: . إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في ركوعه وسجوده "سبوح \قدوس رب الملائكة والروح"
ورواه أيضا عن سليمان بن حرب عن وعفان بن مسلم فبين أن قوله: "وسجوده" سمعه شعبة من شعبة هشام عن . قتادة
ورواه أيضا عن عن بهز بن أسد عن شعبة ، فلم يذكر سجوده. قتادة
وهكذا رواه جماعة عن مقتصرين على ذكر الركوع وهم: شعبة ، يزيد بن [ ص: 837 ] زريع ، والنضر بن شميل ، وابن أبي عدي وخالد بن الحارث ، ويحيى بن سعيد ، وغيرهم.
قلت: رواه من طريق مسلم ، عن أبي داود الطيالسي شعبة وهشام جميعا عن ولم يذكر لفظه، لكنه عطفه على حديث قتادة ، عن سعيد بن أبي عروبة ، وحديث قتادة سعيد فيه ذكر الركوع - أيضا - فلم يقع التفصيل في رواية كما ينبغي. مسلم
وهذا مثال القسم الرابع الذي ذكرناه - أيضا - والله سبحانه وتعالى الموفق.