التاسع : فإن ذلك من أكبر الفوائد التي يتعجلها طلبة الحديث، وكتبته، ومن أغفل ذلك حرم حظا عظيما، وقد روينا لأهل ذلك منامات صالحة . ينبغي له أن يحافظ على كتبه الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عند ذكره، ولا يسأم من تكرير ذلك عند تكرره؛
وما يكتبه من ذلك فهو دعاء يثبته لا كلام يرويه، فلذلك لا يتقيد فيه بالرواية، ولا يقتصر فيه على ما في الأصل .
وهكذا الأمر في الثناء على الله سبحانه عند ذكر اسمه، نحو ( عز وجل) و ( تبارك وتعالى) وما ضاهى ذلك . وإذا وجد شيء من ذلك قد جاءت به الرواية كانت العناية بإثباته وضبطه أكثر ، وما وجد في خط - رضي الله عنه - من إغفال ذلك عند ذكر اسم النبي صلى الله عليه وسلم ، فلعل سببه أنه كان يرى التقيد في ذلك بالرواية، وعز عليه اتصالها في ذلك في جميع من فوقه من الرواة. أبي عبد الله أحمد بن حنبل
قال : "وبلغني أنه كان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم نطقا لا خطا " قال : "وقد خالفه غيره من الأئمة المتقدمين في ذلك ". الخطيب أبو بكر
وروي عن علي ابن المديني، وعباس بن عبد العظيم العنبري، قالا : "ما تركنا الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل حديث سمعناه، وربما عجلنا فنبيض الكتاب في كل حديث حتى نرجع إليه" والله أعلم .
ثم ليتجنب في إثباتها نقصين :
أحدهما : أن يكتبها منقوصة صورة، رامزا إليها بحرفين، أو نحو ذلك .
والثاني : أن يكتبها منقوصة معنى، بأن لا يكتب ( وسلم) وإن وجد ذلك في خط بعض المتقدمين .
سمعت أبا القاسم منصور بن عبد المنعم ، وأم المؤيد بنت أبي القاسم بقرائتي عليهما قالا : سمعنا لفظا، قال : سمعت أبا البركات عبد الله بن محمد الفراوي المقرئ ظريف بن محمد يقول : سمعت عبد الله بن محمد بن إسحاق الحافظ قال : سمعت أبي يقول : سمعت حمزة الكناني يقول : كنت أكتب الحديث، وكنت أكتب عند ذكر النبي " صلى الله عليه " ولا أكتب " وسلم " فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام، فقال لي : ما لك لا تتم الصلاة علي؟ قال : فما كتبت بعد ذلك " صلى الله عليه" إلا كتبت " وسلم".
وقع في الأصل في شيخ المقرئ طريف " عبد الله" وإنما هو " عبيد الله" بالتصغير، ومحمد بن إسحاق أبوه هو فقوله " الحافظ" إذا مجرور . أبو عبد الله بن منده،
قلت : ويكره أيضا الاقتصار على قوله " عليه السلام" والله أعلم .
العاشر : . على الطالب مقابلة كتابه بأصل سماعه، وكتاب شيخه الذي يرويه عنه، وإن كان إجازة
روينا عن رضي الله عنهما أنه قال لابنه عروة بن الزبير هشام: "كتبت؟" قال : "نعم" قال : "عرضت كتابك؟" قال : "لا" قال : "لم تكتب ".
وروينا عن الإمام، وعن الشافعي قالا : "من كتب ولم يعارض كمن دخل الخلاء ولم يستنج". يحيى بن أبي كثير
وعن الأخفش قال : "إذا نسخ الكتاب ولم يعارض، ثم نسخ ولم يعارض - خرج أعجميا ".
[ ص: 680 ] [ ص: 681 ] [ ص: 682 ]