1739 ص: ثم أردنا أن نلتمس ذلك من طريق النظر، فوجدنا الوتر لا يخلو من أحد وجهين: إما أن يكون فرضا، وإما أن يكون سنة، فإن كان فرضا فإنا لم نر شيئا من الفرض إلا على ثلاثة أوجه; فمنه ما هو ركعتان، ومنه ما هو أربع، ومنه ما هو ثلاث، وكل قد أجمع أن الوتر لا يكون اثنتين ولا أربعا، فثبت بذلك أنه ثلاث، هذا إن كان فرضا.
وأما إن كان سنة فإنا لم نجد شيئا من السنن إلا وله مثل في الفرض من ذلك الصلاة منها تطوع ومنها فرض، ومن ذلك الصدقات فإن لها أصلا في الفرض وهو الزكاة، ومن ذلك الصيام وله أصل في الفرض وهو صيام شهر رمضان، وما أوجب الله -عز وجل- في الكفارات، ومن ذلك الحج ، يتطوع به وله أصل في الفرض وهو حجة الإسلام، ومن ذلك العمرة يتطوع بها ووجوبها فيه اختلاف وسنبينه في
[ ص: 102 ] موضعه إن شاء الله تعالى. ومن ذلك العتاق له أصل في الفرض وهو ما فرض الله -عز وجل- في الكتاب من الكفارات والقضاء، فكانت هذه الأشياء متطوع بها ولها أصل في الفرض، فلم نر شيئا يتطوع به، إلا وله أصل في الفرض، فقد رأينا أشياء هي فرض ولا يجوز أن يتطوع بها، مثل الصلاة على الجنازة هي فرض ولا يجوز أن يتطوع بها، ولا يجوز لأحد أن يصلي على ميت مرتين يتطوع بالآخرة منهما، فكأن الفرض قد يكون في شيء ولا يجوز أن يتطوع بمثله، ولم نر شيئا يتطوع به إلا وله مثل في الفرض منه أخذ، وكان الوتر متطوعا به فلم يجز أن يكون كذلك إلا وله مثل في الفرض، والفرض لم نجد فيه وترا إلا ثلاثا; فثبت بذلك أن هذا هو النظر، وهو قول الوتر ثلاث. ، أبي حنيفة ، وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله.