[ ص: 45 ] فصل في مختصرة فإنها تحتمل تصنيفا نبذة من حال مصنفه
هو أمير المؤمنين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة -بضم الميم على المشهور، ويجوز كسرها في لغة -بن يزدزبه-، بفتح أوله، وهو مثنى تحت، ثم زاي ساكنة، ثم دال مهملة مكسورة، ثم زاي، ثم باء موحدة، ثم هاء -ويقال: بردزبه -بموحدة في أوله بدل المثناة، ثم راء مهملة، والباقي مثله.
كذا ضبطه أولا ابن خلكان عن بعضهم، ثم نقل الثاني عن قال - أعني ابن ماكولا : ابن ماكولا-
[ ص: 46 ] هو بالبخارية، ومعناه بالعربية: الزراع.
وقال في كلامه على حديث ابن دحية : قال لي أهل "إنما الأعمال بالنيات" خراسان بعد أن لم يعرفوا معنى هذه اللفظة: يقال للفلاحين بالفارسية برزكر-بباء موحدة، ثم راء ساكنة، ثم زاي مكسورة، ثم كاف غير صافية، ثم راء ساكنة -وهو لقب لكل من سكن البادية زراعا كان أو غيره، وقيل: إنه المغيرة بن الأحنف الجعفي مولاهم ولاء الإسلام; لأن جده المغيرة أسلم على يد يمان البخاري الجعفي والي بخارى. ويمان هذا هو أبو جد عبد الله بن محمد بن جعفر بن يمان المسندي شيخ البخاري.
ولد بإجماع بعد صلاة الجمعة لثلاث عشرة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائة، وأجمعوا على أنه توفي ليلة السبت، عند صلاة العشاء ليلة الفطر، ودفن يوم الفطر بعد الظهر سنة ست وخمسين ومائتين بخرتنك -قرية على فرسخين من سمرقند- كتب - رضي الله عنه - بخراسان، والجبال، والعراق، والحجاز، والشام، ومصر، عن أبي نعيم، والفريابي، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وخلق يزيدون على ألف.
وروى عنه: الترمذي، فيما قيل، ومسلم خارج "الصحيح" والنسائي وإبراهيم الحربي، وأبو زرعة، ومحمد بن نصر المروزي، [ ص: 47 ] وصالح بن محمد بن جزرة -بفتح الجيم وكسرها- ومطين، وابن خزيمة.
وكان يحضر مجلسه أكثر من عشرين ألفا يأخذون عنه.
أنه كان نحيف الجسم ليس بالطويل، ولا بالقصير. وصفته:
ومن كلامه: المادح والذام عندي سواء، وأرجو أن ألقى الله ولا يطالبني أني اغتبت أحدا.
[ ص: 48 ] وقال: ما اشتريت منذ ولدت من أحد بدرهم، ولا بعت أحدا شيئا.
فسئل عن الكاغد والحبر، فقال: كنت آمر إنسانا يشتري لي.
وقال: ما أتيت شيئا بغير علم.
وقال: أحفظ مائة ألف حديث صحيح، ومائتي ألف حديث غير صحيح. وأقوال الأئمة في تفضيله، وتعظيمه، وتفرده بهذا الشأن مشهورة، وقد ذكرت جملة منها في "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام".
فائدة يتعين عليك حفظها: قد علمت أن مات سنة ست وخمسين ومائتين، ومات البخاري مسلم بنيسابور سنة إحدى وستين ومائتين، ومات أبو داود بالبصرة سنة خمس وسبعين ومائتين، ومات بها سنة تسع وسبعين ومائتين، ومات الترمذي النسائي بمكة سنة ثلاث وثلاثمائة.
فائدة ثانية:
قد أسلفت أن -رحمه الله- أمير المؤمنين في الحديث، [ ص: 49 ] وقد شاركه في ذلك جماعة أفردهم البخاري الحافظ أبو علي الحسن بن محمد البكري في كتابه "التبيين لذكر من يسمى بأمير المؤمنين" قال: وأول من سمي بهذا الاسم -فيما أعلمه وشاهدته ورويته، وسمي بالإمام في أول الإسلام- وبعده إمام دار الهجرة: أبو الزناد عبد الله بن ذكوان، ثم عد بعدهما: مالك بن أنس، محمد بن إسحاق [ ص: 50 ] صاحب المغازي، وشعبة بن الحجاج، وسفيان الثوري، والبخاري، والواقدي، وإسحاق ابن راهويه، وعبد الله بن المبارك، وذكر فيه أن والدارقطني، أمير المؤمنين فيما بين الفقهاء نقلا عن أبا إسحاق الشيرازي الموفق الحنفي إمام أصحاب (الرأي) ببغداد.
هذا مجموع ما ذكره في تأليفه، وأغفل الإمام أبا عبد الله محمد بن يحيى الذهلي; فإن أبا بكر ابن أبي داود قال: ثنا محمد بن يحيى، وكان أمير المؤمنين في الحديث. فإن وأبا نعيم الفضل بن دكين الملائي الكوفي في "تاريخ الحاكم نيسابور" قال: حدثني محمد بن الحسن بن الحسين بن منصور قال: حدثني أبي ثنا محمد بن عبد الوهاب قال: سمعت بالكوفة يقولون: أمير المؤمنين في الحديث. وإنما يعنون أبا نعيم الفضل بن دكين لعلمه بالحديث. وكذلك فإن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، قال: كان أمير المؤمنين في الحديث. أبا داود الطيالسي جدير بأن يتلقب بذلك وإن لم أرهم نصوا عليه. ومسلم بن الحجاج