[ ص: 480 ] قلت : أرأيت إن ما جاء في الكراء الفاسد قال : الكراء فاسد إلا أن تسمي موضعا معروفا ، وقال غيره : إن كان ذلك التشييع أمرا قد عرف بالبلد كيف هو فلا بأس به . تكاريت دابة أشيع عليها رجلا ولم أسم موضعا من المواضع ؟
قلت : أرأيت إن تكاريت دابتين بأعيانهما صفقة واحدة واحدة إلى برقة والأخرى إلى إفريقية ولم أسم التي إلى إفريقية ولا التي إلى برقة ؟
قال : لا يجوز هذا الكراء حتى تسمي التي إلى برقة والتي إلى إفريقية .
قلت : أرأيت إن مكة في عشرة أيام فله ثلاثون دينارا وإن أدخلني في أكثر من عشرة أيام فله عشرة دنانير ؟ قال : قال تكاريت من رجل على إن أدخلني : هذا الكراء فاسد ، إن أدرك قبل أن يركب فسخ هذا الكراء بينهما وإن ركب يريد سفره كله أعطي كراء مثله على سرعة السير وإبطائه ولا يلتفت إلى الكراء الأول . مالك
قلت : أرأيت من ما يكون عليه في قول اكترى كراء فاسدا فاستوفى الركوب ؟ قال : يكون عليه قيمة الركوب . مالك
قلت : أرأيت إن تكاريت دابة إلى موضع من المواضع ولم أسم ما أحمل عليها أيكون الكراء فاسدا أم يكون الكراء جائزا وأحمل عليها مثل ما يحمل على مثلها ؟
قال : الكراء فاسد إلا أن يكونوا قوما عرفوا ما يحملون ، فإذا كانوا قد عرفوا الحمولة فيما بينهم ، فإن الكراء لهم لازم على ما قد عرفوا من الحمولة قبل ذلك . وقال غيره : إذا كان قد سمى طعاما أو بزا أو عطرا فذلك جائز وله أن يحمل مثل ما تحمل تلك الدابة ، وإن قال : أحمل عليها قدر حمل مثلها مما شئت مما تحمل فلا خير فيه ; لأن من الحمولة ما هو أضر بالدابة وأعطب لظهورها ، ومنها ما لا يضر .
فإن اختلفت لم يكن فيه خير وكذلك لو اكترى دابة يركبها شهرا إلى أي بلد شاء ، والبلدان منها الوعرة الشديدة ومنها السهلة ، وكذلك في الحوانيت والدور ، فكل ما اختلف حتى يتباعد تباعدا بينا فلا خير فيه ; لأن من ذلك ما هو أضر بالجدر ومنها ما لا يضر فإذا اختلف هكذا لم يكن فيه خير . ألا ترى أن من الحمولة ما لو سمى لنقبه لظهر الدابة لم يرض رب الدابة فيه بدينار واحد وآخر لخفة مؤنته على ظهر الدابة يكون كراؤه أقل من ذلك لما يتفاحش . ألا ترى أن الرجل يكري دابته تركب يوما في الحضر فيكون غير كرائها تركب يوما [ ص: 481 ] في السفر وتكون الأرض الوعرة قليلة الكلأ والأخرى سهلة كثيرة الكلأ فيكون الكراء في ذلك مختلفا ، وأن رب الدابة والحوانيت والمسكن باعوا من منافع الدابة ومنافع المساكن ما لا يدرون ما باعوا لاختلاف ذلك وأن ذلك خارج من أكرية الناس . ألا ترى أنه يكتري ليحمل حنطة فيحمل مكانها شعيرا مثله أو سمسما فلا يكون مخالفا ولا يضمن إن عطبت الراحلة ، وكذلك لو اكتراه على أن يحمل له شطويا فحمل عليها بغداديا أو بصريا أو ما يشبهه في نحوه وخفته وثقله لم يضمن ولو حمل رصاصا أو حجارة بوزن ذلك فعطبت ضمنها لاختلاف ما بين ذلك فخذ هذا وما أشبه على هذا الأصل .
قلت : أرأيت إن مكة بمثل ما يتكارى الناس أيجوز ذلك في قول أم لا ؟ مالك قال : قال تكاريت من رجل إلى : لا يجوز ذلك . مالك
قلت : أرأيت إن مكة بطعام مضمون ، ولم أذكر الموضع الذي أنقده فيه الطعام ولم أضرب لذلك أجلا وليس للناس عندهم في الكراء سنة يحملون عليها ؟ قال : فالكراء فاسد إذا كان بحال ما وصفت . تكاريت إبلا إلى
وكذلك لو أكراه بغلام مضمون أو بثوب مضمون وليس لهم سنة يحملون عليها فالكراء فاسد إلا أن يتراضيا فيما بينهما من ذي قبل على أمر حلال فينفذ فيما بينهما .
قلت : أرأيت إن مكة ليحملوا عليها أزوادهم وشرطوا أن من مرض منهم حمله على الإبل ؟ اكترى قوم مشاة إبلا إلى قال : هذا الكراء فاسد .
قلت أتحفظه عن ؟ مالك
قال : لا ، ولكنه رأيي .
قلت : أرأيت إن تكاريت دابة من رجل على أن يبلغني موضع كذا وكذا إلى يوم كذا وكذا وإلا فلا كراء له ؟
قال : لا خير في هذا عند ; لأنه شرط شرطا لا يدري ما يكون له فيه من الكراء ; لأن هذا غرر لا يدري أيتم له الكراء أم يذهب رأسا ، فلا يكون له من الكراء شيء . مالك