الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      الرجل يبيع السلعة ببلد ويشترط أخذ الثمن ببلد آخر قلت : أرأيت لو بعت طعاما إلى أجل بدراهم أو بدنانير ونحن بالمدينة وشرطت أو شرط على المبتاع أن يدفع إلي الدراهم أو الدنانير إذا حل الأجل بالفسطاط ؟ .

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : إذا ضرب لذلك أجلا وسمى البلد فلا بأس به ، قال : وإن سمى البلد ولم يضرب لذلك أجلا فلا خير فيه ، وإن ضرب الأجل ولم يسم البلد فذلك جائز وحيث ما لقيه إذ حل الأجل أخذ منه دراهم أو دنانير بالبلد الذي تبايعا فيها أو غير ذلك .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن كان قد سمى الأجل وسمى البلد الذي يقبض فيه الدراهم أو الدنانير فلقيه وقد حل الأجل في غير ذلك البلد الذي شرط فيه الوفاء ؟ قال : قال مالك : إذا حل الأجل حيثما لقيه أخذ منه ، وإن كان قد سمى بلدا فلقيه في غير ذلك البلد اقتضى منه ولا ينتظره حتى يرجع إلى ذلك البلد لأنه لو شاء أن لا يرجع إلى ذلك البلد أبدا فيحبس هذا بحقه أبدا فلا يستقيم هذا .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن كان إنما باع سلعته بعرض من العروض جوهرا أو لؤلؤا وثيابا أو طعاما أو متاعا أو رقيقا أو حيوانا أو غير ذلك من العروض وشرط أن يوفيه ذلك في بلد من البلدان إلى أجل من الآجال ؟ قال ابن القاسم : أما العروض والثياب والطعام والرقيق والحيوان كله فسمعت مالكا يقول فيه : يوفيه بالبلد الذي شرطا فيه إذا حل الأجل ، قال : ولم أسمع منه في اللؤلؤ والجوهر وما أشبهه شيئا ولكني أرى أنه لا يدفع ذلك إلا في البلد الذي شرطا فيه الدفع لأن هذه سلع وليس هذا مثل الذهب والورق لأن الذهب والورق عين في جميع البلدان .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن حل الأجل فقال الذي عليه هذه الأشياء : لا أخرج إلى ذلك البلد ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : ليس له أن يوفيه إلا في ذلك الموضع أو يوكل وكيلا أو يخرج هو فيوفي صاحبه لا بد له من ذلك .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية