( باب ) ما يجوز ارتهانه والارتهان به وما لا يجوز
لما ذكر مقدمات مسائل الرهن ذكر في هذا الباب تفصيل ما يجوز ارتهانه والارتهان به وما لا يجوز إذ التفصيل إنما يكون بعد الإجمال قال رحمه الله ( ولا يجوز رهن المشاع ) يعني لا يصح فظاهره أنه لا فرق بين ما يحتمل القسمة وما لا يحتمل القسمة قال صاحب العناية رهن المشاع قابل القسمة وغيره فاسد يتعلق به الضمان إذا قبض ، وقيل باطل لا يتعلق به الضمان ، وليس بصحيح ; لأن الباطل منه فيما إذا لم يكن الرهن مالا ، ولم يكن المقابل به مضمونا وما نحن فيه ليس كذلك بناء على أن القبض شرط تمام العقد لا شرط جوازه ، وقال الإمام رهن المشاع رضي الله عنه يجوز ; لأن موجبه عنده بيعه والمشاع لا يمتنع بيعه ولنا أن موجبه ثبوت يد الاستيفاء واستحقاق الحبس الدائم ولا يتصور الحبس الدائم في المشاع ; لأنه يبطل بالمهايأة قبضه كأنه رهنه يوما ويوما لا ولهذا يستوي فيه ما يقبل القسمة وما لا يقبلها بخلاف الهبة حيث تجوز فيما لا يحتمل القسمة ; لأن موجبها الملك ولا يمتنع بالشيوع ولا يجوز من شريكه أيضا ; لأن ثبوت اليد في المشاع لا يتصور ولأنه لو جاز لأمسكه يوما بحكم الرهن ويوما بحكم الملك فيصير كأنه [ ص: 276 ] رهنه يوما ويوما لا بخلاف الإجارة حيث تجوز في المشاع من الشريك ; لأن حكمها التمكن من الانتفاع لا الحبس والشريك متمكن من ذلك والشيوع الطارئ يمنع بقاء الرهن في رواية الأصل وعن الشافعي لا يمنع ; لأن حكم البقاء أسهل من الابتداء فأشبه الهبة . أبي يوسف
وجه الأول أن الامتناع لعدم المحلية ، وفي مثله يستوي الابتداء والبقاء كالحرية في باب النكاح بخلاف الهبة ; لأن المشاع لا يمكن حكمها وهو الملك والمنع في الابتداء لنفي الغرامة على ما عرف ولا حاجة إلى اعتباره في حالة البقاء ولهذا يصح الرجوع في بعض الموهوب ولا يصح الفسخ في بعض المرهون قال في المحيط ولا يجوز ما هو مشغول بحق الغير ، ولو رهن عبدا نصفه بستمائة ونصفه بخمسمائة لم يجز ; لأنه لما سمي النصف بدلا على حدته صار صفقتين كأنه رهن كل نصف بصفقة في الابتداء فوقع شائعا فلا يجوز ، وهذا يفيد أن المانع هو الإشاعة في العقد لظاهر قوله فيصير تفريعا إلى آخره مع أن المانع الإشاعة عند القبض فلو قال ولا يجوز رهن المشاع عقدا وقبضا لكان أولى ، ولو رهن قلبا وزنه عشرون درهما بعشرة دراهم فكسره ، فإنه يضمن نصف القلب ويصير شركة بينهما بصورة الشيوع الطارئ .