قال رحمه الله : ( ولو لا يصدق إلا ببينة ) لأن القسمة من العقود اللازمة ، والمدعي للغلط يدعي حق الفسخ لنفسه بعد تمامها فلا يقبل إلا بحجة ، وإن لم يقم ببينة استحلف الشركاء لأنهم لو أقروا بذلك فإذا أنكروا حلفوا عليه ولقائل أن يقول : لو صح هذا الدليل لوجب [ ص: 177 ] تحليف المقر له إذا ادعى المقر أنه كذب في إقراره مع أنه لا يحلف عند ادعى أحدهم أن من نصيبه شيئا في يد صاحبه وقد أقر بالاستيفاء الإمام ، الجواب أن يقال : إن هذا إذا أقر المقر له أن المقر كذب في إقراره فلو لم يقر المقر له أنه كذب في إقراره لزمه ذلك ولا يظهر فيه أنه لو أنكر استحلف كما لو قالوا فيما نحن فيه لا أنه إذا أنكر كان مصدقا في إقراره فافترقا ومن حلف منهم لم يكن عليه سبيل ومن نكل عن اليمين جمع نصيبه مع نصيب الآخر المدعي فيقسم على قدر حقوقهما فيه قالوا : وينبغي أن لا يقبل دعواه أصلا لأنه متناقض وإليه أشار من بعد حيث شرط التحالف إن لم يشهد على نفسه بالاستيفاء ، ويشير بذلك إلى أنه لو شهد على نفسه بذلك لا يتحالفان لأن دعواه لم تصح للتناقض فإذا منع التحالف لعدم صحة الدعوى للتناقض فكذا هنا قال ومحمد صدر الشريعة في شرح الوقاية بعد أن نقل ما نقل صاحب الهداية وينبغي إلى آخره ، وفي المبسوط وقاضي خان ما يؤيد هذا . ا هـ .
قال : وأما ما لا يوجب التحالف ويكون القول قول المدعى عليه مع يمينه وهو ما إذا أولا قال : وهكذا المكيل والموزون والمذروعات إلا أن يكون في المكيل والموزون متى ثبت الغلط بالبينة لا تعاد القسمة بل يقسم الباقي على قدر حقهم لأنه لا ضرر في قسمة الباقي فأما في الأشياء المتفاوتة تعاد للقسمة ولا يقسم الباقي ، وفي التجريد والأصل ، وأما أقر كل واحد منهما بالاستيفاء ، ثم ادعى أحدهما على الآخر أنه غصب شيئا من نصيبه إلى آخر ما ذكرناه وهو نوعان نوع يوجب التحالف ونوع لا يوجب التحالف فالذي يوجب التحالف أن يدعي أحدهما غلطا في القسمة على وجه لا يكون مدعيا للغصب بدعوى الغلط كمائة شاة بين رجلين اقتسماها ثم قال أحدهما لصاحبه : صابك خمس وخمسون غلطا وأنا خمس وأربعون ، ولم تقم لواحد منهما بينة وهذا كله إذا لم يسبق منهما إقرار بالاستيفاء أما إذا سبق منهما إقرار بالاستيفاء لم تسمع إلا من حيث دعوى الغصب وهي التي لا توجب التحالف . ا هـ . دعوى الغلط في مقدار الواجب بالقسمة
قال رحمه الله : ( وإن قال : استوفيت وأخذت بعضه كان القول قول الخصم مع اليمين ) لأنه يدعي عليه الغصب وهو ينكر والقول قول المنكر ولو فالقول قوله : مع يمينه لأن القسمة قد تمت ، ثم ادعى أحدهما على الآخر أنه أخذ خمسة غلطا وأنكر الآخر فإن قامت بينة عمل بها وإلا استحلف المدعى عليه كذا في المحيط ففي المسألة الأولى هو مدعي الأخذ - بطريق الغصب - ، وفي هذه الأخذ بطريق الغلط فافترقا . اقتسما مائة شاة وقبضا ثم ادعى أحدهما على صاحبه إنك أخذت خمسة من نصيبي غلطا وأنكر الآخر وقال اقتسمنا على أن يكون لي خمسة وخمسون ولك خمسة وأربعون
قال رحمه الله : ( وإن تحالفا وفسخت القسمة ) لأن الاختلاف فيما يحصل له بالقسمة فصار نظير الاختلاف في البيع والثمن ا هـ . لم يقر بالاستيفاء وادعى أن ذا حظه ولم يسلم إليه وكذبه شريكه
ويخفى أنه يبدأ بيمين أيهما شاء ولقائل أن يقول : التحالف في البيع فيما إذا كان قبل القبض على وفاق القياس كما علم في محله وأما بعد القبض فمخالف للقياس لأن أحدهما لا يدعي على الآخر شيئا حتى ينكره الآخر فيحلف عليه ، والآخر يدعي ، ولكنا عرفناه في البيع بالنص وفيما نحن فيه بالتحالف مخالف للقياس لأن كلا منهما ليس مدعيا وهو وارد في البيع بعد القبض على خلاف القياس وقد تقرر أن ما ورد على خلاف القياس فغيره عليه لا يقاس ولا يمكن إلحاقه بطريق دلالة النص لأن القسمة ليست في معنى البيع من وجه ، إذ فيها معنى الإقرار والمبادلة معا فليتأمل في الجواب قال فإن أراد أحدهما القسمة بعد التحالف فليس له ذلك لأنه لا يمكن لأنها لا تكون إلا بالقرعة وقد يقع نصيب أحدهما في جانب الآخر فيتضرر وقال في موضع آخر : ولو أقام أحدهما بينة عمل بها ، ولو أقام بينة عمل بالبينة التي هي أكثر إثباتا كذا في المحيط وقيد أيضا : قسم القسام الدار فأعطى أحدهم أكثر من حقه غلطا وبنى فيها فإنهم يستقبلون القسمة فإن وقع البناء في قسم غيره دفع نقصه ولا يرجع على القاسم بقيمة البناء ويرجعون عليه بالأجر الذي أخذه ، وإذا قسما دورا وأخذ أحدهما دارا والآخر أخرى ، ثم ادعى أحدهما غلطا وجاء بالبينة فإنه ينقض القسمة ا هـ .