( قوله : وإذا أفطر ) لقوله عليه السلام { احتقن أو استعط أو أقطر في أذنه أو داوى جائفة أو آمة بدواء ، ووصل إلى جوفه أو دماغه } رواه الفطر مما دخل ، وليس مما خرج أبو يعلى الموصلي في مسنده ، وهو مخصوص بحديث الاستقاء أو الفطر فيه باعتبار أنه يعود شيء ، وإن قل حتى لا يحس به كذا في فتح القدير فإن قلت : ظاهره أن الخارج لا يبطل الصوم أصلا إلا في الاستقاء ، والحصر ممنوع ; لأن الحيض والنفاس كل منهما يفسد الصوم كما صرح به في البدائع قلت لا يرد ; لأن إفسادهما الصوم باعتبار منافاتهما الأهلية له شرعا على خلاف القياس بإجماع الصحابة بخلاف الجنون والإغماء بعد النية لا يفسدان الصوم ; لأنهما لا ينافيان أهلية الأداء ، وإنما ينافيان النية كذا في البدائع ، والراوية بالفتح في احتقن واستعط أي وضع الحقنة في الدبر وصب السعوط ، وهو الدواء في الأنف وبالضم في أقطر والجائفة اسم لجراحة وصلت إلى الجوف والآمة الجراحة وصلت إلى أم الدماغ وأطلق في الإقطار في الأذن فشمل الماء والدهن ، وهو في الدهن بلا خلاف
وأما الماء [ ص: 300 ] فاختار في الهداية عدم الإفطار به سواء دخل بنفسه أو أدخله وصرح الولوالجي بأنه لا يفسد صومه مطلقا على المختار معللا بأنه لم يوجد الفطر صورة ، ولا معنى له ; لأنه مما لا يتعلق به صلاح البدن بوصوله إلى الدماغ ، وجعل السعوط كالإقطار في الأذن ، وصححه في المحيط ، وفي فتاوى قاضي خان أنه إن خاض الماء فدخل أذنه لا يفسد ، وإن صب الماء في أذنه فالصحيح أنه يفسد ; لأنه وصل إلى الجوف بفعله ورجحه المحقق في فتح القدير وبهذا يعلم حكم ، وفي عمدة الفتاوى الغسل ، وهو صائم إذا دخل الماء في أذنه للصدر الشهيد
فلو دخل الماء في الغسل أنفه أو أذنه ووصل إلى الدماغ لا شيء عليه ا هـ .
ولو لا يفسد الصوم إلا إذا انفصل ، وذكر شد الطعام بخيط وأرسله في حلقه وطرف الخيط في يده الولوالجي أن الصائم إذا استقصى في الاستنجاء حتى بلغ مبلغ المحقنة فهذا أقل ما يكون ، ولو كان يفسد صومه ، والاستقصاء لا يفعل ; لأنه يورث داء عظيما ، وفي الظهيرية ولو أدخل خشبة أو نحوها وطرفا منها بيده لم يفسد صومه قال في البدائع : وهذا يدل على أن استقرار الداخل في الجوف شرط لفساد الصوم ، وكذا لو هو المختار إلا إذا كانت الأصبع مبتلة بالماء أو الدهن فحينئذ يفسد لوصول الماء أو الدهن وقيل إن المرأة إذا حشت الفرج الداخل فسد صومها أدخل أصبعه في استه أو أدخلت المرأة في فرجها لم يفسد صومه ولو بقي النصل في جوفه يفسد صومه ا هـ . والصائم إذا أصابه سهم وخرج من الجانب الآخر
وفي شرح الجامع الصغير لقاضي خان : وإن بقي الرمح في جوفه اختلفوا فيه والصحيح : أنه لا يفسد ; لأنه لم يوجد منه الفعل ، ولم يصل إليه ما فيه صلاحه
وذكر الولوالجي ، وأما الوجور في الفم فإنه يفسد صومه ; لأنه وصل إلى جوف البدن ما هو مصلح للبدن فكان أكلا معنى لكن لا تلزمه الكفارة لانعدام الأكل صورة وعن في السعوط والوجور الكفارة ، ولو استعط ليلا فخرج نهارا لا يفطر ، وأطلق الدواء فشمل الرطب واليابس ; لأن العبرة للوصول لا لكونه رطبا أو يابسا وإنما شرطه أبي يوسف ; لأن الرطب هو الذي يصل إلى الجوف عادة حتى لو علم أن الرطب لم يصل لم يفسد ولو علم أن اليابس وصل فسد صومه كذا في العناية لكن بقي ما إذا لم يعلم يقينا أحدهما وكان رطبا فعند القدوري يفطر للوصول عادة وقالا لا لعدم العلم به ، فلا يفطر بالشك بخلاف ما إذا كان يابسا ، ولم يعلم فلا فطر اتفاقا كذا في فتح القدير ، وقوله : إلى جوفه عائد إلى الجائفة وقوله إلى دماغه عائد إلى الآمة ، وفي التحقيق أن بين الجوفين منفذا أصليا فما وصل إلى جوف الرأس يصل إلى جوف البطن كذا في النهاية والبدائع ولهذا لو استعط ليلا ، ووصل إلى الرأس ثم خرج نهارا لا يفسد كما قدمناه ، وعلله في البدائع بأنه لما خرج علم أنه لم يصل إلى الجوف أو لم يستقر فيه . أبي حنيفة