وقوله - عز وجل -: ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ؛ أي أن الله لا يصطفي لنبوته الكذبة؛ ولو فعل ذلك بشر لسلبه الله - عز وجل -: آيات النبوة؛ وعلاماتها.
ونصب " ثم يقول " ؛ على الاشتراك بين " أن يؤتيه " ؛ وبين " يقول " ؛ أي: لا يجتمع لنبي إتيان النبوة والقول للناس: كونوا عبادا لي؛ ولكن كونوا ربانيين ؛ و " الربانيون " : أرباب العلم؛ والبيان؛ أي: كونوا أصحاب علم؛ وإنما زيدت الألف والنون للمبالغة في النسب؛ كما قالوا للكبير اللحية: " لحياني " ؛ ولذي الجمة الوافرة: " جماني " ؛ وقد قرئ: بما كنتم تعلمون الكتاب ؛ و " تعلمون " ؛ بضم التاء؛ وفتحها؛ وبما كنتم تدرسون ؛ أي: بعلمكم؛ ودرسكم؛ علموا الناس؛ وبينوا لهم؛ وجاء في [ ص: 436 ] التفسير: " كونوا ربانيين " ؛ أي: علماء؛ فقهاء؛ ليس معناه: " كما تعلمون " ؛ فقط؛ ولكن ليكن هديكم ونيتكم في التعليم هدي العلماء؛ والحكماء؛ لأن العالم إنما ينبغي أن يقال له: " عالم " ؛ إذا عمل بعلمه؛ وإلا فليس بعالم؛ قال الله: ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ؛ ثم قال: ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ؛ أي: لو كانوا وفوا العلم حقه؛ وقد فسرنا ما قيل في هذا في مكانه.