(هل النبي - صلى الله عليه وسلم - فسر القرآن كله ؟ )
إن ابن تيمية العالم الفقيه يقول : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، بين القرآن كله ، ولم يترك فيه جزءا يحتاج إلى بيان ولم يبينه ، ولا جزءا يحتاج إلى تفصيل ولم يفصله ، ولا مطلقا يحتاج إلى تقييد ولم يقيده ، ويحسب أن ذلك جزء يجب الإيمان به لقوله تعالى : وأنـزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نـزل إليهم
وقد تلقى الصحابة تفسير النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد قال عبد الرحمن السلمي : " حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان وغيرهما - أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ، قالوا : فتعلمنا القرآن والعلم والعمل " . وإن الصحابة كانوا لا يستحفظون القرآن فقط ، بل كانوا يتعلمونه ويتعلمون معانيه ، ويقول في ذلك رضي الله عنه - أي وعبد الله بن مسعود ابن تيمية - : " من المعلوم أن كل المقصود منه فهم معانيه دون مجرد ألفاظه ، فالعادة تقر ألا يقرأ قوم كتابا في فن من العلم كالطب والحساب ، ولا يستشرحوه ، فكيف بالكلام الذي هو عصمتهم ونجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم ؟ ولهذا كان النزاع في تفسير القرآن قليلا جدا .
ويتعين علينا إذن أن نقول إن تفسير الصحابة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، هو تفسير الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا ما ثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - من قول يخالفه .
وإن الصحابة علموا تلاميذهم من التابعين ما تلقوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهم أهل صدق ، كان له تلاميذ تلقوا عنه فابن عباس ، كمجاهد ، وعكرمة وغيرهم ممن تلقوا عن ونافع ، ولكن ما ينسب إلى التابعين يجب تمحيصه ، فقد نفذت [ ص: 30 ] الإسرائيليات وما دسه النصارى إليهم كما أشرنا من قبل ، وعلى هذا يسن ابن عباس ابن تيمية أمثل المناهج في اعتماده .
، والقرآن كتاب متكامل ، ما يجمله في موضع يفسره في آخر ، وهكذا . وتلى هذه المرتبة فأعلى المراتب تفسير القرآن بالقرآن - ، وقد بينا ذلك بما يناسب المقام . تفسير النبي - صلى الله عليه وسلم
والمرتبة الثالثة ، وهم الذين تلقوا تفسيرهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولقد روي عن تفسير القرآن بأقوال الصحابة أنه قال : والله الذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت ، وأين نزلت ، ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناولته المطايا إلا أتيته . عبد الله بن مسعود
المرتبة الرابعة مرتبة التابعين الذين تلقوا علم الصحابة كمجاهد ، وقد يختلفون ، فيرى وقتادة ابن تيمية أنه إذا اختلف التابعون اختار من أقوالهم ، ولا يخرج عنها . فإن التابعين قد دخلت في عهدهم الإسرائيليات ، ومعابث النصارى ، فيجب الأخذ عنهم باحتراس ويقظة ، وإذا اختلفوا نأخذ من أقوالهم ما ليس فيه دس على الإسلام لنصون كتاب الله تعالى عن تطاول المفسدين ، كما ذكرنا في قصة المدسوسة على المفسرين . زينب بنت جحش
وإنه يجب التنبيه إلى أن ، وإذا قيل إن منها ما يوافق النصوص القرآنية ، ولا يخالفها ، نقول إن في القرآن غنى عنها ، والأكثر فيه تهويش على معاني القرآن ، وإثارة للأوهام الكاذبة . الواجب العلمي إبعاد الإسرائيليات عن تفسير القرآن ، وتنقية كتب التفسير منها
* * *