ولما كان الوجه أشرف ما في الوجود، وكان يعبر به عما أريد به صاحب الوجه مع أنه لا يتصور بقاء الوجه بدون صاحبه، فكان [ ص: 166 ] التعبير به عن حقيقة ذلك الشيء أعظم وأدل على الكمال، وكان من المقرر عند أهل الشرع أنه سبحانه ليس كمثله شيء فلا يتوهم أحد [منهم] من التعبير به نقصا قال: ويبقى أي: بعد فناء الكل، بقاء مستمرا إلى ما لا نهاية له وجه ربك أي: المربي لك بالرسالة والترقية بهذا الوحي إلى ما لا يحد من المعارف، وكل عمل أريد به وجهه سبحانه وتعالى خالصا. ولما ذكر مباينته للمخلوقات، وصفه بالإحاطة الكاملة بالنزاهة والحمد، وقال واصفا الوجه لأن المراد به الذات الذي [هو] أشرفها معبرا به ولأنها أبلغ من "صاحب" وبما ينبه على التنزيه عما ربما توهمه من ذكر الوجه بليد جامد مع المحسوسات يقيس الغائب - الذي لا يعتريه حاجة ولا يلم بجنابه الأقدس نقص - بالشاهد الذي كله نقص وحاجة ذو الجلال أي: العظمة التي لا ترام وهو صفة ذاته التي تقتضي إجلاله عن كل ما لا يليق به والإكرام أي: الإحسان العام وهو صفة فعله.