ولما قرر أن شرع في تفصيله؛ وبدأ بأشرف الحزبين؛ في جواب من سأل عن هذا الجزاء؛ فقال - مؤسفا لأهل الشقاء بالتذكير؛ بالتأكيد بما كان لهم من الإنكار في الدنيا؛ وإظهارا للرغبة في هذا القول؛ والتبجح به؛ لما له من عظيم الثمرة -: الجزاء من جنس العمل؛ إن أصحاب الجنة ؛ أي: الذين لا حظ للنار فيهم؛ وكرر التعبير بـ "اليوم"؛ تعظيما لشأنه؛ وتهويلا لأمره؛ على إثر نفختيه؛ المميتة؛ والمقيمة؛ بذكر بعض ثمراته؛ وجمل من عظائم تأثيراته؛ فقال: اليوم ؛ أي: يوم البعث؛ وهذا يدل على أنه يعجل دخولهم؛ أو دخول بعضهم إليها؛ ووقوف الباقين للشفاعة؛ ونحوها من الكرامات؛ عن دخول أهل النار النار؛ وعبر بما يدل على أنهم [ ص: 146 ] بكلياتهم مقبلون عليه؛ ومظروفون له؛ مع توجههم إليه؛ فقال: في شغل ؛ أي: عظيم جدا؛ لا تبلغ وصفه العقول؛ كما كانوا في الدنيا في أشغل الشغل؛ بالمجاهدات في الطاعات؛ ولما تاقت النفوس إلى تفسير هذا الشغل؛ قال: فاكهون ؛ أي: لهم عيش المتفكه؛ وهو الأمن؛ والنعمة؛ والبسط؛ واللذة؛ وتمام الراحة؛ كما كانوا يرضوننا بإجهاد أنفسهم؛ وإتعابها؛ وإشقائها؛ وإرهابها؛ وقراءة ؛ بحذف الألف؛ أبلغ؛ لأنها تدور على دوام ذلك لهم؛ وعلى أنهم في أنفسهم في غاية ما يكون من خفة الروح؛ وحسن الحديث. أبي جعفر